كرس شهر رمضان، المستوى المرتفع الذي بلغته الأسماك في المدن الكبرى، مثل الدارالبيضاء والرباط، ومراكش.
وحسب مصادر "المغربية"، بلغت أسعار المنتوجات البحرية مستويات قياسية، حرمت غالبية الأسر المغربية، المنتمية إلى الفئات الفقيرة والمتوسطة من إمكانية الاستفادة من ثروة البلاد البحرية، التي تتمثل في أكثر من 3500 كيلومتر من الشواطئ، الأطلسية والمتوسطية.
وبلغ سعر السردين، المنتوج البحري الشعبي، أو "سمك الفقراء"، كما يقال، 20 درهما للكيلوغرام الواحد، وأكثر من ذلك في بعض الأسواق. وليس مستبعدا أن يقفز ثمن السردين إلى 30 درهما في الشهور المقبلة، اعتبارا على المنحى الذي سجلته أسعار الأسماك، خصوصا منذ دخول اتفاقية الصيد البحري المغربية الأوروبية إلى حيز التنفيذ، قبل ثلاث سنوات.
وفاقت الأصناف السمكية، متوسطة الجودة، مثل الصنور، والصول، والقرب، والراية، 30 درهما، حسب الجودة ومناطق البيع، في حين بلغت 60 درهما وأكثر بالنسبة إلى الأنواع الجيدة، مثل الميرلان، بينما يتجاوز ثمن الكيلوغرام من السمك الأكثر جودة 100 درهما.
ويتفق المهنيون والتجار على أن السبب الرئيسي لغلاء الأسماك، يعود إلى قلة العرض، الناتج بدوره عن قلة الإنتاج، مقابل ارتفاع الطلب، الذي يكثر في مناسبات معينة، مثل رمضان، إذ أصبحت المنتوجات البحرية غالية الثمن، ونادرة، مثل العسل.
وما يزيد الوضع تأزما، حسب مهنيين، أن السماسرة والمضاربين والاحتكاريين والتجار الوهميين، يستغلون قلة الإنتاج والعرض، لفرض طموحاتهم في تحقيق أرباح سريعة، على حساب المستهلكين الضعفاء، الذين أنهكتهم الارتفاعات المتتالية للأسعار، كما يلمس ذلك في أسواق اللحوم الحمراء، والخضر والفواكه، وكل المواد الغذائية.
وعلى العكس من ذلك، ترى السلطات المختصة، وعلى رأسها قطاع الصيد البحري، والمكتب الوطني للصيد، أنها تتابع الوضع عن كثب، مؤكدة أن مشكل السمك سيسوى بصفة نهائية بمجرد انتهاء أشغال بناء أسواق نموذجية لبيع السمك بالجملة.
وتراهن السلطات المختصة على الرفع من النسبة في غضون السنوات الثلاث المقبلة، من 10كيلوغرامات للفرد إلى 16، وفقا للمعيار الدولي. وتستند في هذا الرهان على برنامج يهدف تشييد تسعة أسواق لبيع السمك من الجيل الجديد، في أفق سنة 2010، بغلاف مالي قدرت قيمته الإجمالية ب 226 مليون درهم.
وتكمن أهمية المشروع في أنه ينطلق من أن مشكل تسويق السمك في المغرب يرجع إلى سوء التدبير، وعدم الحفاظ على جودة المنتوجات.
وحسب السلطات المختصة ستسند مهام تسيير الأسواق المرتقبة إلى مجلس استشاري للتدبير، تحدد مهامه في جمع المحاصيل السمكية من مرحلة التفريغ حتى الخروج من الأسواق المعنية، التي ستضم غرفا للتبريد، ومصانع للثلج، وبوابات خاصة للدخول والوزن، ومحلات خاصة بمستلزمات الصيد، وورشات جماعية للمشترين الصغار، ومكاتب إدارية، ومواقف للسيارات.
وتسعى السلطات المختصة من وراء بناء أسواق من الجيل الجديد إلى "الحفاظ على جودة الأسماك التي تعبر الأسواق، وتطبيق تدبير صارم وشفاف للنشاط"، وإدخال مفهوم "المنصة التقنية" من أجل تدبير متكامل يمتد من تفريغ المحصول إلى الخروج من ميناء الصيد، وكذا السماح بإدماج تجار التقسيط الصغار ضمن مسلسل توحيد أنماط العمل، فضلا عن إشراك المهنيين وتوعيتهم بأهمية احترام معايير الجودة.
يطرح مصطفى بوزرقطون، رئيس نقابة مصدري وموزعي السمك بالدارالبيضاء، رئيس النقابة الوطنية لبحارة الصيد البحري، مجموعة من الأفكار "العملية"، الكفيلة، في نظره، بإنقاذ الثروة السمكية، وإتاحة إمكانيات هائلة من المنتوجات البحرية، بأسعار أدنى، للأجيال الحالية والمقبلة.
تكتسي المقترحات المطروحة شكل "كتاب أبيض"، ينبه فيه السلطات ويحذرها من الصعوبات التي يشهدها الصيد البحري، نشاطا وإنتاجا وتسويقا، منطلقا في ذلك من أن القطاع ينطوي على "مجموعة من المتناقضات"، التي يتعين تجاوزها، عبر مخطط يشارك فيه المهنيون، على حد قوله.
ـ المقترح 1: العمل للحد من تدهور الموارد البحرية. ويقول في هذا الصدد إن على المعهد الوطني للموارد البحرية، بتعاون مع رجال البحر، إجراء إحصاء يشمل جميع الأصناف البحرية الحية الموجودة، وتقدير كمية كل صنف وموطنه وفترة توالده.
ـ المقترح 2: مواجهة الأخطار التي تهدد ديمومة الأنظمة البيئية، ويتعين على الجماعات المحلية العمل من أجل مراقبة الطحالب، ومنع السكان من جمعها، لأن ذلك يشكل خطرا على الموارد البحرية.
المقترح 3: الحفاظ على سلامة البيئة البحرية، من أي نشاط مرتبط بالتطور الحضري والعمراني، إلى جانب مواجهة خطر النفايات الصناعية ورميها في البحر.
المقترح 4: مواجهة خطر انعدام المهنية، "لأنها تقتل البحر". ويتعين على وزارة الصيد البحري التركيز على مسألة التكوين وترسيخ الممارسات البحرية اللائقة، كما يجب على الجمعيات المهنية، أن تقوم بدوره في تأهيل الكفاءات.
ـ المقترح 5: الحد من الاستثمارات التي تهدد استمرار الموارد. ومن هذا المنطلق يكون من الأفضل إنتاج أقل لكن لمدة أطول، من إنتاج أكثر لمدة أقصر.
المقترح 6: الحد من الحرية المطلقة للصيد، وإقرار شروط موضوعية لممارسة النشاط البحري، أي ضرورة الصيد بطريقة انتقائية، باعتباره خيار مثالي في تدبير الموارد البحرية.
ـ المقترح 7: الحد من الأخطار التي تهدد حياة رجال البحر، على اعتبار صعوبة مراقبة وتتبع نشا كل المهنيين. ومن الضروري أن تقوم السلطات برفع مستوى المراقبة، وتعزيز وسائل الوقاية في البحر.
ـ المقترح 8: يتعين على السلطات الحد من التناقضات التي يعانيها الصيد البحري، عبر نصوص تشريعية، لاسيما عبر مدونة البحر، التي يجب أن تراعي كل الجوانب المتعلقة بالبحر، والتناقضات التي تهدده.