على هامش الاستراتيجية الوطنية لمراقبة ومتابعة صحة الغابات

القطاع الغابوي في المغرب بين الاندثار والاستصلاح

الثلاثاء 01 دجنبر 2009 - 06:59

يعد المغرب من البلدان متنوعة المجال البيولوجي والمناخي، لموقعه الجغرافي المتميز بين البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي والصحراء، وتوفره على سلسلة جبلية يفوق ارتفاعها 4160 مترا .

وتمثل الغابات 8 في المائة من مجموع مساحة التراب الوطني، ما يجعل المغرب من أفضل دول الجنوب المتوسطي، علما أن 91 في المائة من الأراضي المغربية توجد بين مناطق جافة وشبه جافة.

يوفر القطاع الغابوي بالمغرب، حوالي 10 ملايين يوم عمل في السنة بالعالم القروي، و28 ألف وظيفة بالمقاولات العاملة في المجال الغابوي، و14 ألف فرصة عمل بمجال التحويل، كما يوفر حوالي 26 ألف فرصة شغل، بالنسبة لعملية جمع الخشب، لكن حجم الاستنزاف، الذي يتعرض له هذا المجال الطبيعي يتفاقم باستمرار، بفعل عوامل بشرية وطبيعية، كالرعي الجائر، والقطع غير قانوني للخشب، والهجمات الطفيلية التي تؤدي، إضافة للعوامل المناخية، إلى تطور غير عاد لبعض أجزاء هذه الغابات، إذ تشهد الغابات المغربية تراجعا يعادل 31 ألف هكتار على مستوى كثافة الأشجار، يعبر عنه بمقابل مساحة فرضية، بغية ترقيم التراجع، لأن الملك الغابوي في هذه الحالة لم يفقد أي هكتار على المستوى الفعلي.

وتساهم الغابة المغربية بمداخيل مالية مهمة لفائدة السكان القرويين والجماعات المحلية عن طريق الاستغلال المباشر، عبر حقوق الانتفاع (الرعي، والخشب، وحطب التدفئة).

تصل قيمة معدل الواردات من المواد الغابوية ومشتقاتها للمغرب، إلى 5،5 ملايير درهم، وتبقى الصادرات في هذا الباب محدودة، لا تتجاوز نسبة التغطية 23 في المائة، وتقتصر على عجين الورق والفلين بقيمة 1،3 مليار درهم.

تشكل الغابة ثروة اقتصادية مهمة، بإنتاجها 600 ألف متر مكعب سنويا من خشب النشارة، كما توفر 30 في المائة من الحاجيات للصناعة الوطنية، و10 ملايين متر مكعب سنويا من حطب التدفئة بنسبة 18 في المائة من الحصيلة الطاقية. وكذا 1،5 مليار وحدة علفية سنويا بنسبة 17 في المائة من حاجيات القطيع الوطني، فضلا عن منتوجات مختلفة تقدر بـ 15 ألف طن من الفلين، و4 آلاف طن من العسل، و850 طنا من الفطريات سنويا.

وتسعى المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر في هذا السياق، إلى وضع برنامج غابوي وطني، وبرنامج عمل وطني لمكافحة التصحر، بهدف تعبئة كل الشركاء، من أجل تدبير مستدام للثروات الطبيعية، وحماية الدورات البيئية. كما أعدت في السياق نفسه برنامجا لحماية التنوع البيولوجي، من خلال تحديد 154 موقعا ذا أهمية بيولوجية وإيكولوجية، بمساحة مليوني هكتار، مع إعطائها الأولوية في التدخل لفترة تتراوح ما بين 5 و 14 سنة.

وأخذت المندوبية السامية بالاعتبار، عامل التغيرات المناخية، إذ قامت بالتتبع البيولوجي على مستوى المنظومات الغابوية، بالقيام بتأطير زماني ومكاني للأنواع النباتية في المناطق الغابوية، وتتبع جملة من المؤشرات، من أجل التدبير الافتراضي لمستوطنات "الوحيش والنبيت" للحد من التدهور البيئي، وإيجاد حل توافقي بين توازنات المنظومات الطبيعية، ومستلزمات التنمية المستدامة، في ظل الإكراهات المناخية الحالية.

ووضعت برامج عشرية مندمجة تشمل جميع الأقاليم، وتهدف أساسا إلى استصلاح الغابات، من خلال وضع مخططات تهيئة لتدبير مستدام للموارد الغابوية وتثمينها، من خلال عمليات أهمها التشجير، الذي يتوخى أهدافا متنوعة منها (الخشب والعلف وحماية الماء والتربة والتنوع البيولوجي..)، إذ قاربت عملية التشجير أراضي تقع في سفوح الجبال والأودية، من أجل منع انجراف التربة، الذي تزداد خطورته، خلال موسم التساقطات المطرية، كما يجري استصلاح مناطق محمية لتشجيع السياحة البيئية.

وتفيد بعض الدراسات في المجال، أن العديد من الأنواع النباتية والحيوانات القارية والمائية والطيور، انقرضت أو في طريق الانقراض، بسبب الاستغلال المفرط من جهة، والجفاف من جهة أخرى، ما توجب اتخاذ تدابير متعددة في هذا الإطار، لحماية الثروات الطبيعية والحيوانية، بوضع ترسانة قانونية همت، بالخصوص، المحافظة على أصناف النباتات والطيور، وحماية الغابات، وتنظيم الصيد في المياه القارية والقنص، وإحداث منتزهات وطنية.

في حين، جرى تعزيز الترسانة القانونية بالمصادقة على 60 معاهدة وبروتوكول دولي، خاصة اتفاقية حماية التنوع البيولوجي، مع إعادة تأهيل واستيطان أصناف من الحيوانات المهددة بالانقراض، خصوصا "غزال آدم" و"النعامة" و"أبو عدس".

ويمكن برنامج عمل لمكافحة التصحر من تهيئة الأحواض على مساحة تقدر بـ 590 ألف هكتار، ومحاربة الترمل على مساحة تقدر بـ 36.000 هكتار، مع إنشاء أكثر من 30 تعاونية، من أجل تدبير توافقي للمجال، في إطار مقاربة تشاركية تهدف إلى تحسين الأوضاع السوسيو- اقتصادية للسكان المحليين.

وفي ما يخص التنوع البيولوجي، وحفاظا على الأنواع الحيوانية والنباتية من الاندثار، قامت المندوبية السامية للمياه والغابات، في إطار برنامجها العشري، بتفعيل استراتيجية للمحافظة على "الوحيش والنبيت"، التي تتمثل في إنشاء 10 منتزهات كلها مزودة بمخططات التهيئة، منها 24 محمية بيولوجية، و154 موقعا بيولوجيا وإيكولوجيا، و3 محميات بيوسفير، مشكلة إطارا مرجعيا للمحافظة، وتثمين التنوع البيولوجي بالمغرب.

استراتيجية وطنية لمراقبة و متابعة صحة الغابات

عملت كل من المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر، ومنظمة الأمم المتحدة للتغذية والزراعة (الفاو) ، ومديرية صحة الغابات بفرنسا، على إقامة شراكة تهدف إلى تحديد برنامج عمل لمواجهة معضلة تلف غابات الأرز، وتطبيق استراتيجية وطنية لمراقبة ومتابعة صحة الغابات، على مستوى المنطقة الرائدة للأطلس المتوسط، في انتظار تعميمها على باقي المناطق الغابوية الأخرى في البلاد، من خلال إطلاق برنامج يرمي إلى ضمان تدبير ملائم لهذه المعضلة، مع مراعاة صحة الغابات في استراتيجيات تهيئة والحفاظ على الجسم الغابوي.

وخلصت هذه المتابعة إلى أن غابات أزرو وأيت يوسي (منطقة للا ميمونة)، والغابات المجاورة تتعرض للرعي الجائر، ما يؤدي لحدوث عدم توازن على مستوى الطبقات السفلى الشجرية والعشبية، يؤثر سلبا على دينامية المنظومة الغابوية.

كما أن التدبير المعقلن لهذه الغابات، يجب أن يراعي العامل البشري، الذي يصبح في بعض المناطق أكثر خطورة على الثروة الغابوية من باقي العوامل الإيكولوجية.

وتساهم ندرة المياه وكذا ارتفاع درجة الحرارة في تلف أشجار الأرز، خاصة على مستوى المحطات قليلة الخصوبة، والغابات الكثيفة حديثة التكوين.

وتزداد حدة ذبول الأشجار كلما زادت كثافتها، في حين مكنت الاستراتيجية الوطنية لمراقبة وحماية صحة الغابات، من إقامة شبكة مراقبة ممنهجة لمناطق في الأطلس المتوسط، التي ستمكن بدورها من الحصول على معطيات إحصائية تمثل التطورات السنوية المتعلقة بنشاط ودينامية الغابات، وشبكة حراسة مكلفة بالمراقبة والإنذار، بمجرد ظهور عارض غير طبيعي على مستوى المنظومة الغابوية.


الجرد الوطني الأخير (1996) مكن من ضبط المساحة الغابوية في 9 ملايين هكتار تتنوع حسب التكوينات الغابوية كما يلي :

المصدر: المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر




تابعونا على فيسبوك