لنتبادل الأدوار!

السبت 23 يناير 2010 - 11:25

وصلني عبر البريد الإلكتروني، إيميل يروج بين الأصدقاء، ويتقاسمه الجميع، وخاصة النساء، يتحدث عن زوج تعب كثيرا من مشواره اليومي، من وإلى العمل، والعودة في المساء منهك القوى

بعد أن استعمل عدة وسائل للنقل، قبل أن يعود إلى بيته في المساء.. بينما زوجته تبقى في البيت، مرتاحة، مطمئنة البال لا ترهقها مواصلات ولا رئيس ولا ضغوطات في العمل...

كان لهذا الزوج أمنية واحدة هي أن يتبادل الأدوار، هو وزوجته، ولو ليوم واحد، حتى تعرف الزوجة بماذا يمر زوجها والظروف العصيبة، التي تعيده إليها متعبا.

ذات يوم، استيقظ الرجل ليجد أمنيته تحققت، وأنه أصبح الأم التي ستبقى في البيت، وزوجته هي الرجل الذي سيذهب مكانه (ها) للعمل.. وبالفعل، جرى تبادل الأدوار، لتجد المرأة نفسها ذاهبة إلى العمل، مقلة وسيلة نقل إلى باب المكتب، والجلوس على مكتب أمام مجموعة من الملفات، تمكنت من تسوية معظمها، بما أن الأمر أصبح روتينيا. تناولت في الظهيرة "سندويتشا" غنيا، أعد في المنزل، خصيصا ليفي الحاجيات الضرورية من التغذية الصحية والسليمة، مع الاستمتاع بكوب قهوة، بعد الأكل، والدردشة مع زميلات العمل، بشيء من المرح والانشراح.

الزوج العزيز استيقظ صباحا، ليعد فطور أسرته الصغيرة المتكونة من زوجة تتهيأ للخروج إلى العمل، وثلاثة أطفال، أخرجهم من السرير بصعوبة بالغة، وعليه تحضير ملابسهم ومساعدتهم على جمع محفظتهم وعلى التهام فطورهم، قبل الالتحاق بمدارسهم.

خرج الزوج الذي استبدل دور زوجته، كما كان يحلم بذلك منذ مدة، ليوصل أبنائه لمدارسهم، وفي طريق العودة، كان لا بد وأن يمر على البقال ليبتاع بعض المشتريات التي يحتاجها المطبخ، وبالمناسبة، مر ليسدد فواتير الماء والكهرباء والهاتف. وإلى حدود الساعة، مازال فرحا براحته وعدم تحمله عناء المواصلات والملفات التي تنتظره على المكتب.

ها هو يعود إلى البيت، لتبدأ الأشغال المنزلية. لا ضير في ذلك! سيكون الأمر سهلا للغاية.. دخل غرف الأطفال، فجمع كل ما ألقوه على الأرض، فأعاد الملابس إلى خزانتها، والكتب إلى رفوفها، واللعب إلى مكانها، بعدها لا بد من غسل الأرضية التي تبدو عليها آثار أقدام الصغار، بعد عودتهم، أمس، من اللعب في الحديقة المجاورة للمنزل.

دخل الزوج، بعد ذلك، إلى المطبخ، وأعد وجبة غذاء خفيفة له، سيأكلها في ما بعد وحيدا، ثم بدأ في إعداد وجبة المساء، التي سيتناولونها معا. المطبخ، هو الآخر، احتاج إلى تنظيف، من غسل الآواني إلى غسل الأرضية. بعدها أفرغ آلة التصبين من الملابس وصعد إلى سطح البيت لنشرها في الهواء الطلق، تحت أشعة الشمس.

وعاد أدراجه ليقوم بطي وكي الملابس، التي جفت، أمس، وما زالت تنتظر على الكنبة. بعد تناول وجبته الخفيفة، بسرعة، اكتشف أن ساعة خروج الأطفال من المدرسة قد حان، فهرع يقود سيارته ليعود بهم إلى البيت، ويقدم لهم شيئا يأكلونه. وفي انتظار عودة الأم من العمل، بدأ يراجع معهم واجباتهم المدرسية، ويحل، بين الفينة والأخرى، مناوشاتهم وشجارهم. تذكر أنه لم يعد بعد السلطة والتحلية، التي تحبها زوجته، بعد وجبة العشاء، فأسرع يحضرها...

ها هي الزوجة عادت، فما عليه إلا تحضير المائدة، فأكل الجميع، وخلد الأبناء إلى غرفهم، وتمددت الزوجة أمام التلفزيون، وبيدها جهاز التحكم عن بعد، لتختار من البرامج ما يريحها ويرفه عنها عناء يوم عمل " متعب"، بينما هو، الذي استبدل دوره المتعب بالبقاء في البيت "المريح"، ظل في المطبخ لينظفه، مرة أخرى، ويعيد الآواني لمكانهم، ويذهب بالأولاد إلى سريرهم، يحكي لهذا حكاية، ويستمع لشكاوي الآخر من زملائه في الفصل، ويعد بحل المشكل صباحا.

ما زال الكثير من أشغال البيت، إذ لم تكفه 12 أو 13 ساعة التي قضاها في البيت، وهو الذي كان يشكو من 8 ساعات يقضيها في المكتب.

في انتظاره واجب آخر، عليه أن يقوم به قبل النوم، تجاه زوجته. لكن هذا الواجب لم يستطع القيام به، كما كانت تفعل امرأته، دون أن تشتكي، لأنها تدرك أن الأمر يعد تقصيرا في الحق الشرعي لزوجها "المتعب".
هنا فقط، شعر بما تعيشه زوجته في يومها داخل البيت، الذي كان يعتقد أنه يوفر لها كل شروط الراحة.




تابعونا على فيسبوك