نمو الصادرات وانتعاش تدريجي للطلب الخارجي الموجه إلى المغرب

الجمعة 12 فبراير 2010 - 10:21
بوادر نمو النشاط الصناعي والقطاعات الموجهة إلى التصدير (خاص)

حقق الطلب الخارجي الموجه إلى المغرب، زيادة بلغت وتيرتها 4 في المائة، في الفصل الثالث من 2009.

وقالت المندوبية السامية للتخطيط، في مذكرة حول الظرفية الاقتصادية في الفصل الثالث من 2009، وتوقعات الفصل الرابع، توصلت "المغربية" بنسخة منها، إنه من المرجح أن يستمر هذا التحسن في الفصل الرابع من 2009، بالنظر إلى عودة الانتعاش، على مستوى التجارة الدولية، مع ترقب ارتفاع ملموس لواردات بعض الشركاء التجاريين للمغرب، بعد خمسة فصول من الانخفاض المتواصل، بسبب تداعيات الأزمة العالمية.

وأوضح المصدر نفسه، أن الصادرات الوطنية حققت زيادة بلغت 3.6 في المائة، مستفيدة من ارتفاع ملحوظ في مبيعات مشتقات الفوسفاط، والمكونات الإلكترونية. غير أن هذا التطور لم يرق بعد إلى معدل مستواها المسجل، خلال السنوات الخمس الأخيرة، بسبب تأثرها باستمرار انكماش الصادرات من مواد التجهيز، والمواد الاستهلاكية.

من جهتها، سجلت الواردات بعضا من الاستقرار، إذ لم يتعد نموها 0.1 في المائة. ويعكس هذا النمو تطورات متباينة للمنتجات الرئيسية. ففي الوقت الذي تزايدت المقتنيات من المواد الطاقية، لتصل مساهمتها في تغير الواردات إلى 4.1 نقاط، انخفضت مشتريات المواد الغذائية، ومواد التجهيز بـ 26.5 في المائة، و6.9 في المائة، على التوالي.

واستنتج المصدر أن تحسن الصادرات، والاستقرار النسبي للواردات، ساهم في تراجع العجز التجاري بـ 2.8 في المائة، في الفصل الثالث من 2009. كما تحسن معدل التغطية، في الفترة ذاتها، بـ 1.6 نقطة، ليستقر في 45.8 في المائة.

تحديات أمام الاقتصاد الوطني

استنتجت المندوبية السامية للتخطيط، أن الاقتصاد الوطني يواجه حاليا، مجموعة من التحديات، التي من المرجح أن تؤخر مسيرة التعافي، التي بدأها في الفصل الثاني من 2009، عقب ثلاثة فصول من التباطؤ الشديد، الناتج عن تأثر بعض أنشطته بتداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية.

في هذا الصدد، تشير البيانات إلى زيادة متواضعة في القيمة المضافة للنشاط الاقتصادي، دون احتساب الفلاحة، بلغت، في الفصل الثالث، 2.6 في المائة، مقارنة مع الفترة نفسها من 2008، ما يمثل انخفاضا بـ 0.5 نقطة، عن التقديرات المنجزة، خلال شهر أكتوبر الماضي، ويعود هذا الفارق، أساسا، إلى ضعف أداء الأنشطة الصناعية، والقطاعات المرتبطة بها.

ومن المرجح أن يكون نمو الأنشطة غير الفلاحية شهد بعضا من النمو، في الفصل الأخير من السنة الماضية، سيما مع ظهور بوادر توحي بتحسن بعض القطاعات الموجهة إلى التصدير، ليستقر في حدود 3 في المائة تقريبا، على أساس التغير السنوي. وفي ظل ذلك، واعتبارا لارتفاع القيمة المضافة للقطاع الفلاحي، بما يناهز 26.3 في المائة، يكون الناتج الداخلي الخام حقق زيادة بـ 5.8 في المائة، مقارنة مع الفترة نفسها من 2008، مقابل 5.6 في المائة، في الفصل السابق.

وتؤكد المعطيات أن هذا التسارع "يظل هشا، بالنظر إلى استمرار أجواء من عدم اليقين حول تبدد كامل لآثار الأزمة العالمية، على الاقتصاد الوطني، على المدى القريب.

تطورات متباينة للنمو الاقتصادي العالمي

بدأ النشاط الاقتصادي العالمي توسعه من جديد، بدءا من الفصل الثاني من 2009، بعد انخفاض حاد ميز أواخر 2008 و بداية 2009. وأدت السياسات العامة التي اعتمدها عدد كبير من الاقتصادات المتقدمة و الصاعدة في الميدانين المالي والنقدي إلى تحسن ثقة المستهلكين والشركات على حد سواء.

في أعقاب ذلك، ارتفع معدل النمو الاقتصادي العالمي، مدفوعا بتوسع الناتج الداخلي الخام للولايات المتحدة الأميركية بما يعادل 0.7 في المائة ، خلال الفصل الثالث من 2009، على أساس التغير الفصلي، بينما ظل النمو معتدلا على صعيد منطقة اليورو، إذ لم تتعد وتيرته 0.4 في المائة، في الفترة نفسها.

وتجدر الإشارة إلى أن تحسن النشاط الاقتصادي العالمي لم يكن موحدا على العموم بين جميع المناطق، إذ ما تزال بعض الدول مثل إسبانيا، وإنجلترا، تحت تأثير دورة الركود الاقتصادي، التي دخلتها اقتصاداتها مع شيوع الأزمة المالية الأخيرة. بخلاف ذلك، استمر تعافي اقتصادات الدول الصاعدة، خاصة بلدان جنوب شرق آسيا، بشكل سريع، بفضل ارتفاع الصادرات والاستثمارات المنتجة بها.

وحققت المبادلات التجارية الدولية، في سياق ذلك، زيادة بلغت 4.2 في المائة، خلال الفصل الثالث من 2009، على أساس التغير الفصلي، مدعومة بارتفاع الطلب الخاص بالدول الصاعدة، وكذا المتقدمة. كما عرفت القيود المرتبطة بالتمويل البنكي الموجه نحو الأسر والشركات شيئا من الانحسار، على إثر استقرار الأسواق المالية. ورافق هذا التحول تصاعد تدريجي لمعدلات التضخم، بدأت أولى معالمه تتضح خلال شهر نونبر الماضي، بالموازاة مع ارتفاع أسعار المواد الخام.

ومن المنتظر أن يمتد التأثير الايجابي لتحسن النمو الاقتصادي بالدول الصاعدة، خاصة الصين، ليدعم تطور النشاط الاقتصادي العالمي خلال سنة 2010 .غير أن بعض المخاوف لا تزال قائمة بشأن قوة هذا التطور، مع انتهاء خطط الدعم التي انتهجتها معظم الدول. إذ ما تزال معدلات البطالة مرتفعة، ما من شانه أن يضعف من جديد ثقة المستهلكين.

وعلى العموم، فإن التوقعات تشير إلى ارتفاع الناتج الداخلي الخام بالدول المتقدمة بنحو 0.4 في المائة، خلال الفصلين الأول والثاني من 2010. ويخفي هذا الارتفاع تطورات متباينة لمعدلات النمو الاقتصادي حسب كل بلد. ففي الوقت الذي سيشهد كل من الاقتصادين الأميركي والألماني شيئا من الانتعاش، ستعرف كل من اليابان، وإيطاليا، وإسبانيا، استقرارا في معدلات نموها، متأثرة بضعف الطلب الداخلي بها.




تابعونا على فيسبوك