دفع شهر رمضان الكريم أسعار اللحوم الحمراء (البقر والغنم والماعز)، إلى الصعود، لتقترب، لأول مرة، من 80 درهما للكيلوغرام، مسجلة زيادة تقدر بحوالي 10 دراهم، مقارنة مع أسعار الأسابيع السابقة للشهر الفضيل
في وقت ذهبت توقعات مهنية إلى أن وتيرة تصاعد ثمن هذه المادة الحيوية، ستستمر، ما دام العرض دون الطلب.
وبلغ سعر الكيلوغرام الواحد من لحم البقر 74 درهما، في أحد الأسواق المتوسطة بالدارالبيضاء، فيما وصل إلى حوالي 80 درهما في أسواق تقع في مناطق راقية بالمدينة نفسها، كما في غيرها من المدن، مثل الرباط، ومراكش، وأكادير، وطنجة..
وأفاد تاجر للحوم الحمراء، في حي الإنارة بالدارالبيضاء، أن الارتفاع المتزايد لأثمان العجل يرجع، أساسا، إلى قلة العرض، مقابل تنامي الطلب، لاسيما في رمضان، الذي يوصف بأنه "شهر استهلاك المواد الغذائية بامتياز".
ويعزى تصاعد ثمن لحم البقر في الدارالبيضاء، حسب هذا التاجر، إلى ارتفاع الرسوم المطبقة على الصعيد المحلي، مقارنة مع الرسوم المطبقة في مدن أخرى، ما يؤدي، في نظره، إلى غلاء هذه المادة، على غرار المواد الاستهلاكية الأخرى".
وحسب المهني، تختلف جودة لحوم البقر، نسبيا، من صنف إلى آخر، إذ يكون الصنف الأول "الممتاز" أغلى من الثاني، والأخير (متوسط الجودة)، أغلى من الثالث (الأقل جودة)، مشيرا إلى أن الناس يفضلون، على العموم، الصنف الأول، ولو قليلا منه.
ويرى المهني أنه من المستحيل التحكم في أسعار اللحوم الحمراء، مادامت مرتبطة بحرية السوق، وخاضعة لقانون العرض والطلب، وتابعة لطبيعة المواسم الفلاحية، ولأسعار الأعلاف في الأسواق المحلية والدولية، لكنه لاحظ أن المواسم الفلاحية، حتى إن كانت جيدة، كما هو الحال في الموسم الماضي، وكذا الموسم الجاري، نسبيا، "لم تعد تؤدي إلى خفض أسعار المواشي واللحوم".
ويقدر إنتاج المغرب من اللحوم الحمراء بـ 17 ألفا و490 طنا سنويا، في وقت يرتفع حجم الاستهلاك إلى أكثر من ذلك. ويرجع السبب في عدم بلوغ التوازن بين الإنتاج والاستهلاك إلى اعتماد أساليب تقليدية في تربية الأبقار والمواشي، إذ تعد الاستثمارات في هذا المجال ضعيفة، وغير مواكبة للتطورات، التي يشهدها القطاع الفلاحي في العالم.
ويطمح المخطط الفلاحي، المعروف باسم "مخطط المغرب الأخضر"، الذي يمتد من 2008 إلى 2020، إلى رفع الإنتاج من اللحوم إلى 20 ألفا و770 طنا، من اللحوم الحمراء، في السنوات العشر المقبلة، بارتفاع يبلغ 20 في المائة.
ويخصص المغاربة 1140 درهما للفرد للحوم، الحمراء والبيضاء، مسجلين ارتفاعا في استهلاك هذه المادة الحيوية، بنسبة تصل إلى 47 في المائة، بين 2001، وبين آخر بحث وطني أنجزته المندوبية السامية للتخطيط، حول الدخل ومستوى معيشة الأسر.
تحتل اللحوم المرتبة الأولى في نفقات التغذية، إذ تخصص لها الأسر حصة 25 في المائة، من مجموع النفقات، ما يمثل زيادة بـ 2.3 نقطة، مقارنة مع سنة 2001.
ويتغير مستوى النفقات المخصصة لاقتناء اللحوم، وفق مستوى المعيشة، إذ كلما ارتفع مستوى المعيشة لدى الأسر، ارتفعت النفقات المخصصة لاقتنائها.
استنادا إلى بحث في هذا الشأن، تمثل اللحوم 21 في المائة، أي ما يعادل 406 دراهم للفرد سنويا، من الميزانية المخصصة للتغذية، لدى 20 في المائة من الأسر الأكثر فقرا، و28 في المائة، أي 2425 درهما، لدى 20 في المائة من الأسر الأكثر غنى.
وباعتبار وسط الإقامة، تمثل نفقات اقتناء اللحوم من طرف السكان الحضريين 1.5 مرة نفقات السكان القرويين، لاقتناء المادة نفسها (1318 درهما مقابل 909 دراهم)، إلا أن هذا الفرق يتجه إلى الانخفاض، مقارنة مع سنة 2001، التي سجلت 1.7 مرة.
تشكل اللحوم الحمراء أهم الأنواع المستهلكة، وتصل النفقات المخصصة لها إلى 466.5 درهما للفرد سنويا (546.2 درهما في المدن، و363.9 درهما في القرى). أما اللحوم البيضاء، فتحتل المرتبة الثانية بما يمثل 325.9 درهما للفرد سنويا (367 درهما في المدن و272.7 درهما في القرى).