تقرير حول تطبيق مدونة الأسرة بين مغاربة ايطاليا

الثلاثاء 24 غشت 2010 - 09:20

أصدرت نزهة الوافي، نائبة برلمانية مغربية في إيطاليا، أخيرا، كتابا في إيطاليا، حول إشكالات تطبيق مدونة الأسرة من طرف الجالية المقيمة في إيطاليا

وتناول المؤلف رصد وتحليل ومناقشة الإشكالات القانونية التي بـرزت، خـلال التـطـبـيـق العـمـلي لمـدونـة الأسـرة. ومن هـذه الإشـكـاليـات، ما يـتـعـلق بـإجـراءات الزواج وآثـاره، وثـانـيـهـا ما يـتـعـلق بـانـحـلال العـلاقـة الزوجـيـة والآثـار المـتـرتـبـة عـليـهـا.

أوردت نزهة الوافي في كتابها، الذي صدر بدعم من "لجنة تكافؤ الفرص بجهة "البييمونتي" في إيطاليا، توصلت "المغربية" بملخص له باللغة العربية، أن دخـول مـدونـة الأسـرة حـيـز التـنـفـيـذ، لاح بالعـديـد من الإشـكـاليـات المـرتـبـطـة بـتـطـبـيـق نـصـوص المـدونـة وكـيـفـيـة تـعـامـل الأجـهـزة القـضـائـيـة معها، ومـدى تـفـاعـل المـتـقـاضي واقـتـرابـه مـن فهم المسـاطر القـضائـية، ولذلك لم تكن الجالية المغربية بمنأى عنها.
وتحدثت نزهة الوافي عن أن لمـدونـة الأسـرة الصادرة 2003، تعتبر مكسـبـا تـشريعيا وطنيا، شكلت الأسـرة العمود الفقري لفلسـفـتها وروحها، اعتبارا لكون صلاح المجتمع يمر بـالضرورة عبر صلاح الأسـرة.

ونظرا لتزايد عـدد المغاربة بالخارج، وتوسـع وتنوع حاجياتهم، حرصت مدونة الأسـرة على مقاربة هـذه الاحتـياجات نسبيا ومـحاولة معالجتهـا، تقعـيـدا عـبـر النصوص التـي تضمنـتهـا المدونـة، إلا أن التقرير أورد وجود نوع آخر من العمل، الذي يهم تنزيل هذه المدونة بالنسبة إلى هذه الفئة من المواطنين.

وترى الكاتبة أن تصحيح الإشكال يتأتى عـبـر تـطـويـر وتـوسـيـع عـمل القـضاة والعدول الملحقـيـن بقنصليات وسـفـارات المملكة بـالخارج، وتـسهـيل الإجـراءات بـالسـفـارات والقـنصليـات لتطـبـيـق مقـتضيات مدونة الأسـرة على أفـراد الجـاليـة المغـربـيـة المـقـيـمـيـن بـالخـارج، تـطـبـيقـا سـليما ومـلائما لظروفهم واحـتـيـاجـاتـهـم، وتـوحـيـد مـنـاهـج العـمل بـمختلف السـفارات والقـنصليات.

إشكاليات التطبيق

تضمن الكتاب أنه "مـهـمـا بـلغـت قـواعـد ونـصـوص مدونة الأسـرة من ريادة وضمانات حمائية للأسـرة، فـإن ذلك كله "سـيبقـى رهـينـا بوجود قـضاء قـوي فعال قادر، أثـنـاء الممارسة العملية على الرقي بمقـتـضيات وأحكام المـدونـة في نـصـهـا وروحـهـا الى مـقـاصـد المـشـرع".

وجرى الحديث في الكتاب عن أن "مـسـؤوليـة قـضاة الأسـرة، من رئاسـة ونيابة وإدارة قضائية، في تـوفـيـر شـروط العـدل والإنـصاف، مع السرعة في البت في القضايا والتعجيـل بتنفـيذها، وفـق الآجـال التـي تـضمنتهـا الإجـراءات والقـواعـد المـنـصوص عليـهـا في المدونـة، مسـؤولية كبـيرة تتطـلب تـطوير الذهـنـيـة القضائية والاجتهاد القضائي وخلق الإطـار الكـفء والمناسب المؤهـل لتفعـيل ثقـافة العـدالة التصالحية، وإيـجـاد الحـلول المناسبة، وفق معادلة ثلاثـية البناء".

وركزت مضامين الكتاب على "الدور المهم للقضاء لقضاء الأسـرة، باعتباره يندرج ضمن القضاء الاجتماعي، الذي يستـوجب مـرونـة كبيرة لانعكاس آثـاره على أهـم بـنـيـات وركائـز المجتمع، إذ أن إصلاح المجتمع يمر أساسا بصلاح الأسـرة".

ومن الملاحظات الواردة في الكتاب حول البـاب الثـاني من مـدونـة الأسـرة المـتعـلق بـالزواج، أن المشـرع "أفـرد للمغـاربـة المقـيمـيـن بـالخـارج بـعـض النصـوص المـتعـلقـة بـإبـرام عـقـود الزواج، أهـمـهـا المـادتان 14-15، التي تجـيـز للمـغـاربة المقـيـمـيـن بـالخـارج إبـرام عـقـود الزواج وفـق قانـون بلد الإقامة، مما يـعـني أن الجاليـة المغـربية بـالخارج مخـيـرة بـيـن إبـرام عقد الزواج، وفـق قانون بلد الإقامة أو وفق الإجراءات المنصـوص عليها في مدونة الأسرة، أي القانون المغـربي.

قانون بلد الإقامة

سمحت مـدونـة الأسـرة في المـادة 14 من المدونة للمغاربة المقيميـن في الخارج بـإبـرام عـقـود زواجهـم، وفــا للإجـراءات الإدارية المحلية لبلد إقامتهم، أي إبـرام عقود مدنية.

ومن الإشكالات بخصوص هذا العقد، أنها تكون غـير مثمـرة وغـير منتجـة لآثارها القانونية ولا تتوفر على الحجـيـة في المغـرب، فيتعـرض المغربي المقـيم بالخارج للعديـد من الصعـوبات، من أهمهـا عدم قدرته على الاحتجاج بالعقد المدني في المغـرب، كما أنـه لا يستطيع تسجيل أبنائه بسجلات الحالة المدنيطلب تجاوز الأمر، الاطلاع على الشـروط الواجب تـضمـيـنهـا في العقد المـدني، ليـصـبـح مـتـوافـقـا مـع القانون المغـربي، ومن هـذه الشـروط، الإيجاب والقبول والأهلية والولي عند الاقتضاء وانتفاء موانع الزواج وعـدم النـص على إسـقـاط الصداق (المهر)، وبالأخص حضور شاهـدين مسـلمين.

وباعتبار عـقود الزواج في الدول الأجنبية عقـودا مدنية، يمكن تضمينهـا شروط طرفـ العقد، فـيجـب على المغاربة الذيـن يفضلون إبرام عقود زواج وفق قانون بلد الإقامة الطـلب من السلطاـت التـنصيص على ذلك في عقد الزواج على الشـروط المـذكـورة، فـتصـبـح هـذه العـقـود غـيـر مخالفة للقانون المغربي وغير مخالفة للنظام العام ولأحكـام الشـريعة الإسلامـية.

ولتسهيل الإجـراءات، حسب ما جاء في الكتاب، "يـمـكـن لكـل مغـربي يريد إبـرام عقد زواج مدني، وفق قـانون بلد إقامته، أن يتوجه إلى أقرب قنصلية ويربط الاتصال بالقاضي الملحق بالسـفارة والمكـلف بمهام التوثيق وقاضي الأسـرة أو مـن يقوم مقامه أو بالعدول أو بالقنصل المغـربي، وسيحال على سلك الإجـراءات المطـلوبـة ليـكون لعقد زواجه المـدني حجيته في المغرب".

وتـطـرح إشكالية في حـالة عـدم تـضمين عقد الزواج المدني الشـروط المـذكـورة في المـادة 14 من المدونة. في هذه الحالة، يحق لكـل مغـربي مقـيم بالخارج إبـرام عقد الزواج، وفـق مـا يـتـطـلبـه القانون المغـربي، فيحـرر له إشهادا يـتـضـمـن التنصيص على الزواج المدني. وتجري الإشارة إلى حضور الشاهـدين والصداق والولي عند الاقتضاء، فـيكون الإشهاد بمثـابة ملحق لعقد الزواج المدني ويضفـي عـليه بـالتالي صفة الحجـية وموافقته لقانون الأسرة المغربي.

وتتمثل الإشكالية الأخرى التي تـطرح بخصوص عقد الزواج المـدني، وتتعـلق بمقـتضيات المادة 15 من مدونة الأسرة، التي تنص على وجوب إيداع عقد الزواج المدني، المبرم وفق قانون بلد الإقامة بالمصالح القنصلية المغربية التابعة لها محل إبرام العقد داخل أجل 3 أشهر من تاريخ إبرامه، وفي حالة عدم وجود هذه المصالح ترسل نسخة من العقد داخـل الأجل نـفـسه إلى الوزارة المكلفـ بـالشـؤون الخارجية، التي تتولى بدورهـا إرسال النسـخـة إلى ضابط الحالة المدنية وإلى قسم قضاء الأسرة لمحل ولادة كل من الزوجين.

ومن الملاحظات بخصوص هذه النقطة، هـو أجـل ثلاثـة أشهر لإيداع عقد الزواج المـدني لدى المصالح القنصلية، وهـذا الإجراء له أهمية بالغـة لكونه يحدد الحالة المدنـية لطرفيه إزاء القـانون المغـربي، لكن مدونة الأسـرة لم تحـدد أي جـزاء أو أثـر قـانـوني على عدم احترام الأجل المـذكورة، ممـا يجعـل من هذا الإجراء، رغم أهـميـته، إجراء إداريا، وبالتالي يمكن تداركه ولو خارج الأجل المذكور، إذ تقول إنه لا تـأثـيـر لغياب هذا الإجراء على صحة عقد الزواج المدني المتضمن لأركانه وشروطه المنصوص عليها في المادة 14 من مدونة الأسـرة.




تابعونا على فيسبوك