وزير التجارة والصناعة والتكنولوجيات الحديثة في منتدى 90 دقيقة للإقناع

الأولوية لتطوير الاستراتيجيات القطاعية وإحكام التنسيق وتضافر الجهود

الأربعاء 23 فبراير 2011 - 11:05
ت: عيسى سوري

أثار أحمد رضا الشامي، وزير التجارة والصناعة والتكنولوجيات الحديثة، خلال استضافته في "منتدى 90 دقيقة للإقناع"، الذي تنظمه مجموعة "ماروك سوار"، الكثير من المعلومات المرتبطة بالوضع الاقتصادي في المغرب، والعلاقات مع المجموعات الاقتصادية الكبرى، مثل الصين والا

وتطرق الوزير إلى الاستراتيجيات القطاعية، ودورها في رفع التحديات أمام المغرب، في الوقت، الذي يجتاز العالم أزمة مالية واقتصادية، كما سلط الشامي الضوء على عنصر تلاحم هذه الاستراتيجيات وتضافر جهود كافة الوزارات، من أجل إحكام عملية التنسيق بينها، وبلورة مشاريع متكاملة، داعيا إلى التفكير في توزيع عادل للأقطاب الصناعية عبر تراب المملكة، والتعجيل بالاهتمام بقطبي فاس ومكناس، باعتبارهما منطقة حيوية، تتوفر على مؤهلات اقتصادية متكاملة، ونسبة سكانية مهمة.

من جهة أخرى، تحدث الشامي عن المناخ الاستثماري في المغرب، مثيرا نقط القوة والضعف فيه، داعيا إلى تبني استراتيجيات أكثر دقة، تتميز بنتائج عاجلة ومضمونة، كما تحدث عن التحديات، التي تواجه قطاعات صناعية كثيرة، مستدلا ببرامج التأهيل الاقتصادي المعمول بها، والتي قال إنها أعطت نتائج إيجابية، مثل مخطط إقلاع، ورواج، والخدمات المرحلة، والمغرب الرقمي، إضافة إلى مواضيع أخرى.

* نرحب بكم، السيد الوزير في "منتدى 90 دقيقة للإقناع"، الذي سنتطرق من خلاله لمجموعة من القضايا المتعلقة بالقطاع، الذي تشرفون عليه، على أمل أن تضعوا الرأي العام في الصورة، بخصوص برنامج إقلاع والبرامج الأخرى، التي تهتم بها وزارتكم، وكذا مناخ الأعمال السائد في المغرب، كما تفرض علينا الظرفية أن نتحدث عما يجري من حولنا في بعض دول العالم العربي والمنطقة. ونريد، بداية، أن نتحدث عن العلاقات التجارية والاقتصادية بين المغرب والصين، التي تبوأت، أخيرا، المرتبة الثانية في سلم الاقتصاد العالمي؟

- أولا، يجب أن أشير إلى أن الصين أصبحت شريكا اقتصاديا لا غنى عنه، فالصينيون تمركزوا، في السنوات الأخيرة، كثاني قوة اقتصادية عالمية، وهذا راجع إلى عوامل عدة، تتعلق باستراتيجيات صناعية وتجارية، تبنتها الصين، إضافة إلى قرار تخفيض أسعار منتوجاتها، وتبسيط إجراءات التصدير، وتخفيض الضرائب، وكل هذه أمور ساعدت كثيرا على ميلاد صناعة صينية بمواصفات قادرة على غزو الأسواق العالمية، ما يفسر، اليوم، تراجع ميزان المبادلات التجارية لكل دول العالم مع الصين.

بالنسبة لنا، يتعلق الأمر بمبلغ 25 مليار درهم من صادرات الصين إلى المغرب، مقابل مليار درهم من صادرات المغرب إلى الصين، إذن، كيف يجب أن نحلل هذا الأمر؟ وما هي الأولويات بالنسبة لنا؟

بالنسبة لجزء مهم من قيمة حجم وارداتنا من الصين، وهي نسبة مهمة ضمن 25 مليار درهم، مهم بالنسبة لنا أن نستورد من الصين، بدل الاستيراد من جهة أخرى، بسبب انخفاض أسعار المنتوجات الصينية، وأيضا، بسبب الجودة. طبعا، هناك بعض الاختلافات، لكن يجب أن نعرف أن المغرب هو أول بلد مستورد للشاي الصيني في العالم، وهناك، أيضا، قسم يتعلق بصادرات معدات التجهيز، وأنا، شخصيا، أعتبرها معقولة، ثم هناك القسم المتعلق بالمواد الاستهلاكية، وهنا يجب أن أقول إن علينا أن نفعل شيئا ما، وبدأنا، فعلا، في وضع إجراءات لحماية المستهلك المغربي، من خلال وضع معايير خاصة بالجودة، وليس لغرض آخر، وهذه الإجراءات موضوعة أصلا من أجل الرفع من قدرة المقاولات المغربية على المنافسة.

من جهة أخرى، عندما كنت في زيارتي الأخيرة للصين، تأكدت أن مستوى الاستهلاك ارتفع لدى الصينيين، وأن هناك حظوظا للرفع من صادرات المغرب، كما تبين لي خلال زيارة بعض المناطق الصناعية الصينية، أن صادرات الصين إلى بعض الدول الأوروبية، مثلا في قطاع النسيج، تخضع للمعايير نفسها المطبقة عندنا في المغرب، وأكد لي الصينيون أن قدراتهم الإنتاجية مستقبلا في مجال النسيج لن تكون كافية لتغطية كافة مطالب الأسواق العالمية. وهنا أريد أن أقول إن الفرصة ممكنة لإقامة استثمارات صينية في المغرب في هذا القطاع وقطاعات أخرى، وهذا من شأنه تحسين الميزان التجاري المغربي تجاه الصين، ولا أقول معادلة الكفة، فهذا أمر بعيد المنال، وهذا ما حاولت أن أناقشه مع المسؤولين الصينيين، واليوم، أحس أن هناك إرادة لدى الصينيين للمضي قدما معنا في هذا الطريق، إذ أكد لي وزير صيني أنه سيبحث مع المسؤولين في بكين إمكانية حصول الصين على منطقة صناعية في المغرب.

وفي ما يتعلق بالاستثمارات في إفريقيا، نرى أن أول بلد إفريقي مستثمر في القارة، هو جنوب إفريقيا، وفي ما يتعلق بإفريقيا الغربية، يعد المغرب أول مستثمر في هذه المنطقة، وبالنظر إلى الصين كأول قوة اقتصادية مستثمرة في القارة الإفريقية، في مجالات عدة، مثل البنيات التحتية، والصناعة، والمواد الأولية، يمكن القول إن المغرب، في حال حصوله على اتفاقات شراكة مع الصين، يمكن أن يطور وضعه الاستثماري والتجاري في إفريقيا.

وفي الشق الأخير، هناك الصادرات المغربية من الفوسفاط إلى الصين، إذ يبدو أن الصينيين مهتمون بتطوير التعاون في هذا المجال، وهناك استثمارات للمكتب الشريف للفوسفاط في وحدات صناعية كيماوية صينية.

* وقعت الصين، أخيرا، اتفاقات مع إسبانيا، لاستثمار وتوسيع علاقاتها مع دول أميركا اللاتينية، هل ترون أن الأمر يمكن أن ينطبق مع المغرب للعبور الصيني نحو إفريقيا، وهل الإعلان عن طلب 20 ألف منصب شغل في قطاع النسيج يدخل في إطار استثمارات صينية في المغرب؟

- يمكن أن نقول نعم، لكن هناك وضعية جديدة طرأت في الصين خلال الفترة الأخيرة، وهي أن الحكومة قررت الزيادة في رواتب اليد العاملة، وضاعفت الأجور في بعض القطاعات، وهناك سياسة جديدة للحكومة في الصين، تجنح إلى الرفع من مستوى الاستهلاك الداخلي. ولاحظنا أن الأجر المتوسط في مجال صناعة السيارات يصل عندنا إلى 360 دولارا، وفي الصين أصبح 304 دولارات، وهذا ليس فرقا كبيرا، بينما كانت الهوة في الرواتب أكثر اتساعا بين الصين والمغرب في السنوات السابقة. وهناك عامل آخر، لا بد من الإشارة إليه، وهو أن مستثمرين قرروا، بعد تركهم البرازيل ومصر، التوجه نحو المغرب.

* لكن، السيد الوزير، هناك معامل للنسيج تغلق أبوابها، مثل ما حدث في سلا ومناطق أخرى، وهناك أياد عاملة أصبحت عاطلة، هل يمكن تعويض هذا التراجع بمناصب شغل جديدة، كما تقولون؟

- الأمر مختلف، إنه يتعلق بحالة ألف و500 شخص فقدوا الشغل، وهنا أتحدث عن 20 ألف منصب شغل جديدة. فخلال الأيام الجهوية للصناعة، التي أقمناها في كل من فاس، والدارالبيضاء، وسننتقل إلى طنجة ومدن أخرى، وهي لقاءات مع أرباب الصناعة، للتباحث والتشاور حول كل القضايا المرتبطة بأنشطتهم، وقفت على حقيقة أدهشتني، وهي أن أحدهم، وهو رجل أعمال، قال لي إنه في حاجة إلى ألف مشتغل، وفي الحي الصناعي بمولاي رشيد، بالدارالبيضاء، قال آخر إنه في حاجة إلى 400 مشتغل، لكنه لم يجدهم.
هنا، نصاب بالدهشة فعلا، فنحن في بلد يعاني نسبة مرتفعة من البطالة، ومقابل ذلك هناك رجال أعمال في حاجة لآلاف الأيادي العاملة، من العمال والتقنيين والأطر، وأتحدث هنا من موقع المعاينة، وليس من باب الدعاية.

وبخصوص من يفقدون مناصب الشغل، هناك معطيات يجب تأكيدها، وترتبط بانتقال ملكية المصنع من مستثمرين إنجليز إلى مستثمرين صينيين، وكذالك إلى رغبة عمال آخرين في الانتقال إلى مصانع أخرى، إضافة إلى أنه لا بد من مراعاة ظروف المشغل، التي ترتبط بمواعيد محددة للتسليم، ما يفرض على العمال الالتزام بالحضور، وعدم الاستفادة من عطل طويلة، أيام الأعياد، مثلا، إضافة إلى أمور أخرى، تفرض على المصنع أن يفي بالتزاماته، ويكون في الموعد مع مختلف الزبناء عبر الأسواق الخارجية.

* في ما يتعلق بالخلل القائم بين عروض وطلبات الشغل، هل لديكم رؤية، أو خطة، تتعلق بإعادة التكوين، وإطلاق برامج لتأهيل اليد العاملة، هل قمتم بمبادرة في هذا الاتجاه؟

- لم يحدث هذا في السابق، ويمكنكم أن تتصلوا بالعربي بن الشيخ، مدير التكوين المهني، وتسألوه إن سبق له أن توصل من أحد الصناعيين بطلب تأهيل اليد العاملة.
اليوم، قررنا، من خلال حظيرة التكوين الصناعي، أن نهيئ 120 ألف منصب شغل في مختلف القطاعات، وعلى اختلاف المستويات، وتقنيين ومهندسين، وبالتعاون مع جمعيات القطاعات الصناعية، مثل الجمعية المغربية لصناعة النسيج.

وهناك ما أعددناه إزاء صناعة السيارات، بعد فحصنا لحاجيات هذا القطاع، من مهندسين وميكانيكيين وصناع الهياكل، وطلبنا من الجهات المعنية بالتكوين مضاعفة مجهودها، لتزيد سوق الشغل بكفاءات تستجيب لحاجيات صناعة السيارات. والأمر نفسه بالنسبة لقطاعات أخرى، إذ تبين لنا أن هناك فائضا في الكفاءات في مجال معين، بينما هناك خصاص في قطاعات أخرى، ونخن بصدد التوزيع الجهوي للصناعات، مثل أن تتمركز صناعة السيارت في الشمال، وتحديدا في طنجة، لقربها من السوق الأوروبية، أو لوجود ميناء المتوسط.

على العموم، التوزيع العادل بين عروض وطلبات الشغل، يظل من بين الأولويات لخفض نسبة البطالة، والرفع من فاعلية الاقتصاد الوطني، لكن أين يمكن أن نخطئ؟ في عام 2008، عندما أعلنا عن مخطط إقلاع، كنا، في ما يتعلق بقطاع النسيج، نظرا للغزو الصيني وبسبب الأزمة العالمية، حصرنا حاجياتنا من اليد العاملة في حدود 32 ألفا، ولم نتوقع ما ستأتي به التطورات، إذ أننا اليوم في حاجة إلى 20 ألف منصب جديد. وأين يمكن أن نخطئ، أيضا؟ عندما لا نأخذ بعين الاعتبار قدرة سوق معين، ونضع نسبة محددة للتطور، فإذا بنا نفاجأ بعكس توقعاتنا، ونصبح في مواجهة اختلال على مختلف الأصعدة، بين عروض وطلب الشغل، وبين الأجور وتكاليف الإنتاج. ولهذا، لجأنا إلى التنسيق والعمل مع الوكالة الوطنية للتشغيل والكفاءات، وفيدرالية مهنيي تكنولوجية المعلومات، والخدمات المرحلة، بشأن تكوين وتأهيل اليد العاملة والأطر والكفاءات، التي يحتاجها سوق الشغل، وهذا ما يتعلق بصفة عامة بديناميكية التكوين.

* نحن أمام مشهد يتضمن فسيفساء غريبة، تحدثتم عن العلاقة مع الصين، التي أصبحت قاطرة تجارية في العالم، وهناك اتفاق التبادل الحر مع الولايات المتحدة، واتفاقات مماثلة مع دول أخرى، مثل تركيا، إضافة إلى الوضع المتقدم مع الاتحاد الأوروبي، زد على ذلك الفرص، التي يمكن أن توفرها الأوضاع الجارية في بعض البلدان العربية، والمغرب، ما زال يعاني تضاربا بين عروض وطلبات الشغل، وخصاصا في الكفاءات، هل لديكم رؤية بشأن ما يمكن فعله لاستثمار هذه المعطيات، والخروج من حالة الاختلال؟

- يمكن القول إن لدينا، الآن، الصوت والصورة، وليس الصورة وحدها دون الصوت، أو الصوت دون الصورة. أنا متفق معكم، لا يمكن أن نقول إن كل شيء على ما يرام، فنحن لسنا في سويسرا، وهناك الكثير يجب فعله للوصول إلى النجاعة المطلوبة في الحقل الاقتصادي. إن ما حدث، هو أن النمو الاقتصادي في المغرب بين 2002 و2010 تطور بنسبة 5 في المائة، فيما كانت نسبة النمو الاقتصادي في السنوات السابقة لا تتعدى 3 في المائة، إنها قفزة نوعية لا بأس بها، لكن 5 في المائة ليست كافية، بل لا بد من التفكير كيف نمر إلى 7 في المائة. إن المغرب أصبح مقتنعا بتطوير اقتصاده، انطلاقا من قطاعات متعددة، ففي الماضي، كنا نعتمد على السياحة، إلى جانب بعض القطاعات في الداخل، مثل البناء والفلاحة، ولم تكن لدينا برامج أو مخططات على المدى الطويل، أما الآن، بعد تطوير المغرب رؤيته للقطاعات الاقتصادية وتنويعها، نرى أن السياحة، مثلا، في إطار رؤية 2010، حققت سقفا بلغ 9.2 ملايين سائح، وهذه نتيجة إيجابية، بما يعادل نسبة 90 في المائة من الأهداف المحققة. هناك، أيضا، تطور القطاع الصناعي، في إطار برنامج إقلاع، الذي حقق أرقاما إيجابية، أصبحت تمكن المغرب من الاضطلاع بدور إزاء الاتحاد الأوروبي يوازي دور المكسيك إزاء الولايات المتحدة.

إنني متفائل بتقدم المغرب، ولو أن بعض الصناعيين يعتبرونني طوباويا بعض الشيء، لكني أقول دائما لماذا يعتبر أول مشغل في المغرب يابانيا؟ إن سومي طومي يتوفر على خمسة معامل، ويشغل 14 ألفا من اليد العاملة، فلو لم تكن لهذا الرجل رؤية دقيقة، لما أتى للاستثمار في المغرب، وهو يقرر، الآن، إضافة معملين، ليصل إلى 20 ألفا من اليد العاملة.

عندما يأتي أجانب، ويستثمرون في بلادنا، فذلك يعني أن هناك ربحا في المغرب، فقط، يجب على رجال الأعمال المغاربة أن يفكروا جيدا.

* إذن، تعتبرون رجال الأعمال المغاربة دون مستوى الرؤية الاستثمارية المطلوبة؟
- ليس كذلك، وسأتحدث في هذا الموضوع، في ما بعد، لكن دعوني أشرح كيف توصلنا الآن إلى رؤية واضحة في القطاعات، التي ذكرت. لقد حققنا تقدما في الصناعة، والفلاحة، والسياحة، وفي قطاع الكهرباء، ولو أن هذا القطاع ليس منتجا، وما ينقصنا الآن، هو التنسيق بين الاستراتيجيات في هذه القطاعات، وعندما نصل إلى تحقيق التنسيق المحكم، سنحصل على نتائج أكثر فاعلية. وهناك عامل آخر، هو مناخ الأعمال، إذ لم نحقق، مع الأسف، تقدما كبيرا فيه، فلا يعقل أن يظل مستثمر ينتظر سنة كاملة، قبل حصوله على ما يمكنه من إنجاز مشروعه، في الوقت الذي يعتبر عامل الزمن رأسمالا أساسيا.

إننا نأسف فعلا للإجراءات والمساطر المعقدة، وتضارب المصالح، التي لها الحق في التأشير على وثائق الترخيص، هل الجماعة المحلية، أم الوزارة، أم مؤسسة أخرى؟ وكل هذه الإجراءات تسبب التماطل والانتظار. وهناك، أيضا، العامل البسيكولوجي، الذي يسيطر على المستثمرين، ويشكل لديهم نظرة سلبية مسبقة عن الاستثمار، ويتعين نشر المزيد من الثقة والطمأنينة في نفوس المستثمرين، من خلال توفير أجواء منافسة، وفتح آفاق لأسواق داخلية، وليس فقط الأسواق الخارجية، وهذا يتوقف على إرادة جميع المتدخلين الاقتصاديين، من أجل خلق أرضية اقتصادية قوية.

* عندما نتحدث عن مناخ الأعمال، تبدو هناك تباينات كثيرة واختلاف في تبادل تحمل المسؤولية بين الفاعلين الاقتصاديين، من جهة، والحكومة، من جهة أخرى، كيف تفسرون ذلك؟

- أولا، وأخيرا، هناك دور للحكومة، يوازيه دور المتدخلين الاقتصاديين، سواء كان ذلك في إطار جمعيات، مثل الاتحاد العام لمقاولات المغرب، أو غيره من التنظيمات الأخرى، وأظن أن المسؤولية مشتركة، ويجب أن يتحملها الجميع.

* لكن، هل هناك رؤية لتوضيح دور ومسؤولية كل طرف؟

- سأدلي لكم بحقائق ملموسة، نأخذ، أولا، الاستراتيجيات القطاعية، كما أعلنها جلالة الملك في خطبه عن تضافر جهود كافة الوزارات وتنسيقها، وهنا، سأدلي بمثال الدرالبيضاء، وتحديدا المنطقة الصناعية بأولاد صالح، وسأعود للحديث عن أحد أسباب تعقيد مساطر تنفيذ الاستثمارات، فالدارالبيضاء، كما تعلمون، هي أول مدينة صناعية في المغرب، وستظل كذلك لسنوات لاحقة، وهذا أفضل مثال يمكن أن أقدمه.

كنا قررنا إنشاء منطقة صناعية، في إطار مخطط إقلاع، تضم 22 أرضية صناعية، وكنا، قبل الدخول في عملية التوقيع على هذا المشروع مع المصالح المعنية الأخرى، بحثنا عن بقع أرضية، تسمح بإقامة هذا النوع من المشاريع، ووقع الاتفاق على منطقة مخشيش، وجرى توقيع الاتفاق آنذاك مع وزارة الداخلية، لكن، بعد فترة، فوجئنا بأن منطقة مخشيش منطقة خضراء، فكان لا بد من العودة إلى نقطة الصفر، وبدء البحث عن منطقة صناعية جديدة لمدينة الدارالبيضاء.

إن مثل هذه الأمور تفسد مناخ الأعمال، لكن، لا نوجه تهمة إلى جهة محددة، لأن كل طرف يعمل في إطار منطقه، وله مخططات عمل مستقلة، وهذا لم يمنعنا من تنفيذ المشروع، ولو أنه عطل الأمور، لأننا عثرنا، في ما بعد، على منطقة اولاد صالح، التي كانت موضوع تنافس بين ثلاث وزارات، هي الإسكان، والتجهيز، ووزارتنا، وجرى تقسيم المنطقة، في إطار الثلث لفائدة وزارة التجهيز، والثلثين لفائدة وزارتنا، فيما تقرر إيجاد منطقة أخرى لفائدة وزارة الإسكان، وهذا مثال لتوضيح ما يتعلق بمناخ الأعمال، من جهة، وضرورة تضافر الجهود وتنسيقها في ما يتعلق بالاستراتيجيات القطاعية، من جهة ثانية.

يبدو، إذن، أن الأمر يتطلب مزيدا من توضيح الرؤية، وفي هذا الإطار، تأسست اللجنة الوطنية لمناخ الأعمال، التي قررنا أن تواكب المخطط الصناعي إقلاع، وكان أحدهم قال لي: لماذا أدخلتم مناخ الأعمال ضمن اختصاصاتكم؟ وهنا لا بد أن أقول: بما أن لدينا قبعة الاستثمار، وتمكنا من إدماج برامج تتعلق بالتكوين والتكوين المستمر، تعمدنا إدماج ورش مناخ الأعمال ضمن اهتمامنا، ودعونا لتأسيس اللجنة الوطنية لمناخ الأعمال، التي قررنا أن تكون برئاسة الوزير الأول، وأن تكون سكرتاريتها تحت إشراف الوزير المكلف بالشؤون الاقتصادية والعامة، وقررنا، أيضا، أن تعقد اللجنة اجتماعاتها للنظر في كافة الأمور العالقة، وهي تجتمع وتعمل، لكن ليس بالسرعة، التي كنت أتمنى.

* لكن، هناك دائما تباطؤا في تنفيذ المشاريع الاستثمارية، ويبدو أن عدم تضافر وتلاحم الاستراتيجيات القطاعية ما زال قائما، وأن هناك وزارات تجمد بعض المبادرات؟

أقول إن هناك لجنة برئاسة الوزير الأول، وتحت إشراف الوزير المكلف بالشؤون الاقتصادية والعامة، وأنتم تقولون لي إن هناك وزارات تجمد بعض المبادرات، فالله الغالب.

* هل أنتم مقتنعون بالوتيرة، التي تسير بها الإصلاحات؟

- شخصيا، لست من النوع الذي يقتنع، فأنا دائما أطلب المزيد، وأقول دائما علينا أن نسير إلى الأمام، ونحقق أعلى سقف من الطموحات.

* هل ترون أن خفض تكلفة الإنتاج في المغرب سيؤدي إلى جلب مزيد من الاستثمارات؟

- لا بد من الإشارة، أولا، إلى أن المغرب بدأ يهتم بالصناعة بشكل جدي منذ 2005، وأعتقد أن ست سنوات مدة قصيرة، وليست كافية لإصدار تقييمات أو أحكام شمولية. لا بد من الاستفادة، أولا، من الموقع الجغرافي للمغرب، وثانيا، من خفض تكلفة الإنتاج، إضافة إلى اتفاقيات التبادل الحر، التي يوقعها المغرب مع البلدان الأخرى، والتي تسمح له بالإنتاج والتصدير، وهو ما يفرض علينا إقامة مناطق صناعية في مختلف مناطق المملكة، في الشمال، والجنوب، والشرق والغرب. فهناك مستثمرون عالميون، يسألوننا:

هل أنتم على استعداد لإنتاج كذا وكذا؟ في الواقع، ما زلنا لم نتوفر على أرضية صناعية، تستجيب لحجم طلباتهم، وهناك، كما قلت، العامل الجغرافي، وهو معطى غير قابل للتغيير، لكن عامل تكلفة الإنتاج يجب أن نحافظ عليه، ونتحكم فيه، وهذا يفرض علينا التحكم في الأجور، وفي الطاقة، وفي اللوجستيك، الذي تتراوح نسبته بين 13 و15 في المائة من رقم المعاملات، وهذا هو الحماقة بعينها، ومعنى ذلك، أنه ليس هناك نجاعة في مجال اللوجستيك، ولهذا فالسيد كريم غلاب، عندما تقدم باستراتيجية اللوجستيك، فعل خيرا لنا جميعا، وسأعطيكم بعض الأرقام، هل تعلمون أن عبور 14 كلم بين طنجة والجزيرة الخضراء يعتبر أغلى تكلفة للكيلومتر في النقل البحري في العالم بأسره؟

مثلما كان سعر الرحلة الجوية في السابق بين الدارالبيضاء وباريس أغلى سعر في العالم على الإطلاق. والسبب، بطبيعة الحال، هو الاحتكار، والآن، السيد غلاب يبشرنا بأن مجال النقل البحري أصبح مفتوحا، وفي هذا السياق، ندعو، من جانبنا، شركات النقل البحري إلى أن تتولى مهمتها لشحن السلع.

أما بالنسبة للأجور، فيجب رفعها، لكن بطريقة محكمة، أولا، من أجل رفع القدرة الشرائية للمواطنين.وأنا لدي قيم اشتراكية، لا تسمح لي بالدفاع عن الرأسمال وإغفال الطبقة العاملة، ففي الوقت الذي نطالب بعدم رفع الأجور لتقليص كلفة الإنتاج، لا بد من توفير ما تحتاجه الطبقة الشغيلة، من سكن ولباس وأكل وتطبيب بأقل تكلفة كذلك، للحفاظ على مستوى عيش كريم لها، وهذا يفتح الباب، أيضا، لموضوع تضافر وتلاحم الاستراتيجيات القطاعية، ففي الوقت الذي أقيمت منطقة صناعية في طنجة، يجب على السيد حجيرة، وزير الإسكان، إقامة منطقة سكنية، لتوفير السكن بسعر منخفض، كما يجب على السيد غلاب، وزير النقل والتجهيز، أن يجهز المنطقة بشبكة المواصلة، وغير ذلك من المرافق، التي تسهل الحياة، وتضمن تكلفة العيش للمواطن بأقل ما يمكن.

* لكن، ألا ترون أن الأمور تجري في ظل عدم التنسيق بين هذه القطاعات الوزارية، وأننا انتظرنا أربعة أو خمسة عقود كي نرى، أخيرا، هذه المشاريع تقام في شمال المملكة، ألا ترون أننا تأخرنا كثيرا؟

- لم أقل إن التنسيق غير موجود، لكنه يجري بصورة متعثرة شيئا ما، وبالنسبة لتنمية منطقة الشمال، إنها إرادة جلالة الملك، الذي قرر الالتفاتة إلى هذه المنطقة، بعد عقود من الإهمال، ونحن نعرف السبب، الذي كان وراء إهمالها، إننا، جميعا، نعرف التاريخ المغربي، ونحن الآن مسرورون لما يتحقق في شمال المملكة، الذي يكتسي هذه الأهمية، أيضا، بسبب موقعه الجغرافي، وقربه من الشريك الاقتصادي الكبير للمغرب، الاتحاد الأوروبي، لنجعل من هذه المنطقة قنطرة عبور إلى البلدان الأوروبية، عبر ميناء المتوسط.

لكن ما يخيفني، هو أن ننسى مناطق أخرى في المغرب، تتميز، هي الأخرى، بموقعها وبثرواتها، وكافة عوامل النهضة الاقتصادية، لنأخذ، على سبيل المثال، قطبي مكناس وفاس، ففي هذه المنطقة، توجد عوامل التنمية المتكاملة، لكن هناك فقرا وبطالة، والمنطقة بحاجة عاجلة لدفعة نحو التنمية. إننا ننتظر مخطط الجهوية، ولا أعرف كيف سيكون التقطيع، لكن، عموما، أتمنى أن تحظى هذه المنطقة بفرصة حقيقية للتنمية، ومن جهتنا، قررنا إطلاق منطقة حرة، لكن القطاعات الأخرى عليها أن تتولى مهمتها، أيضا، وكما رأينا نهضة في مناطق أخرى من المملكة، مثل المنطقة الشرقية، والجنوبية وفي الشمال، لا بد من الاهتمام بقطبي فاس مكناس.

* ما هي قراءتكم لعودة نيسان للاستثمار في المغرب، بعد قرار التراجع، الذي اتخذته في السابق؟

- لا أشك أنكم قرأتم الحوار ، الذي أجري مع رئيس مجموعة رونو نيسان، السيد غصن، الذي كان صرح سابقا بأن هناك ثلاث مراحل، الأولى، كانت تضم رونو ونيسان، وهناك ثلاث سلاسل، الأولى، 30 سيارة في الساعة لفائدة نيسان، والثانية، 15 سيارة في الساعة لفائدة رونو. بعد ذلك، حصلت الأزمة، وكانت نيسان استثمرت في المشروع، ثم أعلنت تجميد مشاركتها، وكان السيد غصن أكد، من الرباط، كما جدد تأكيده، أخيرا، أن نيسان ستعود للاستثمار في هذا المشروع، لكنه أوضح أن حصة نيسان ستعود لرونو، نظرا لما يبدو من أهمية بالنسبة لمسيري الشركة بشأن رونو، وأن المشروع سيكبر بعودة نيسان.

* ماذا عن مشروع السيارة الإلكترونية، إذا لم نباشر العمل به، فإنه سيتلاشى؟

- هناك مجموعة من المتدخلين في هذا المشروع، ورونو متقدمة نوعا ما، ويبقى الأمر عالقا بموضوع البطاريات وقواتها وحمولتها من الطاقة، وهناك شركاء يعملون على تطوير تقنيات في هذا المجال، ويمكن أن نرى هذه السيارات تجوب الشوارع، عندما نتوصل إلى حل للموضوع المتعلق بمحطات تزويد هذا النوع من السيارات بالطاقة.

* ما هي القطاعات الصناعية، التي حققت تقدما، وتلك التي ما زالت متعثرة؟
- سأدلي لكم بتقييم على طريقة التنقيط الدولي، السيارات (++)، والخدمات المرحلة (+)، وصناعة الطائرات (+)، والإلكترونيك (-)، والنسيج (+)، والصناعة الغذائية (+/-).
* لماذا علامة (ناقص) في مجال الإلكترونيك؟


- في البداية، ارتأينا أنه لتطوير مجال الصناعة الإلكترونية، يجب أن نعتمد على المقاولات الصغرى والمتوسطة، وحصلنا على استثمارات في هذا المجال، لكن تبين، في ما بعد، أن أفق هذه الصناعة يتوقف على وجود شركات كبرى تستثمر في المجال، لتكون على شكل حاملة للطائرات، ورغم النتائج الحالية أنا متفائل بشأن المستقبل، هناك اتفاق مع مؤسسات أميركية كبرى، كما أننا، في السابق، لم نتحرك بالطريقة الملائمة تجاه المقاولات المتوسطة والصغرى، والآن، بدأنا العمل مع بعض الجمعيات الخاصة بهذه الصناعة في فرنسا ودول أخرى، كذلك، يجب على جمعية أرباب الصناعة الإلكترونية أن تقوم، من جانبها، بالاتصالات، لتوسيع الآفاق التجارية مستقبلا.

* هل يتعلق تراجع الصناعات الإلكترونية في المغرب بغياب الابتكار في هذا المجال؟

- نحن نتحدث عن الاستثمار، ولم نصل بعد إلى مرحلة الابتكار، ليس غياب الابتكار هو السبب، وقبل الوصول إلى هذه المرحلة، لا بد من وجود قاعدة صناعية في مجال الإلكترونيك، وهذا لا يمكن الحصول عليه إلا بواسطة استثمارات في المجال أولا، على أن تأتي، بعد ذلك، مرحلة الابتكار، ولم لا يلج المغرب عالم الابتكار في مجال الإلكترونيك؟ إنه أمر ممكن، لكن علينا الآن توفير استثمارات في مجال الصناعة الإلكترونية، كخطوة أولى.

* لماذا هناك ركود في الصناعات الغذائية؟

- ليس هناك ركود بهذا المعنى، لكن، كما تعلمون، القطاعات المرتبطة بالصناعات الغذائية متعددة، وتشكل سلسلة متكاملة، وتخضع لاعتبارات الطلب في السوق الداخلية أكثر من أي شيء آخر، فعندما نتحدث، مثلا، عن صناعة السيارات، فهي مرتبطة بالسوق العالمي، وتخضع إلى نمو الطلب العالمي، وهذا ما يفسر نمو صناعة السيارات المرتبط بارتفاع الطلب العالمي، فيما الصناعات المتعلقة بالحليب واللحم، مثلا، ترتبط بالسوق الداخلية، وتخضع لنسبة الطلب المحلي. وأعتقد أن مستوى الصناعة الغذائية يتعلق بإعادة تقييم وضعيات كافة القطاعات المرتبطة بها، ودراسة السوق الاستهلاكية، وهناك بعض المبادرات، أنجزناها على هذا المستوى، وننتظر تقدما نحو الأفضل.
* يشكل القطاع غير المهيكل عائقا في وجه النمو الاقتصادي، كيف يمكن حل هذه المعضلة؟

- بكل صراحة، إذا تمكنا من إجراء قطيعة مع كل الأشكال المضرة بالاقتصاد الوطني، سنتمكن من التقدم إلى الأمام، وسنحقق طفرة في مختلف الصناعات، لنأخذ، مثلا، قطاعي النسيج والصناعات الغذائية، ونبدأ بالحديث عن النسيج، فعندما نصرح بمبلغ 30 مليار سنتيم من الصادرات، لم نكن ننتبه إلى أن 40 مليار سنتيم يجري تحصيلها من السوق الداخلية، إذن هناك ما يشجع على الاستثمار في المغرب من منطلق التسويق الداخلي، لكن، عندما نجد أن هناك من يدخل بضائع إلى المغرب عن طريق السوق السوداء، سواء عبر الحدود أو عن طريق الموانئ، من خلال الإدلاء بفواتير وتصاريح مزورة، فتلك مصيبة، لقد تحدثت عن خطورة هذا الموضوع، وأثرت طرق التصدي إليه مع المسؤولين، ولا نقبل أن يفلت المهربون من العقاب، وتشديد المراقبة على الصادرات مسألة ضرورية.

* قدمت تكنولوجيا المعلومات دليلا على نجاعتها في البلدان المتقدمة، لضمان خدمات تجمع بين توفير عامل الزمن وضمان الشفافية، وتسهيل الإجراءات، وتوفير مناصب شغل كبيرة. بالنسبة لنا، ما زال مشروع المغرب الرقمي متعثرا، فيما تشكو الإدارات، التي تستعمل هذه التكنولوجيا، أعطابا مفاجئة، ما هو سر هذا التأخر؟

- إذا نظرنا إلى التطور الحاصل خلال السنتين الماضيتين، وقارناه بما كان عليه الوضع قبل خمس سنوات، فلا مجال للمقارنة، وهذا الكلام موثق بأرقام. هناك قطاعات أدمجت في برنامج المغرب الرقمي، واستفادت بواسطة شراكات مع شركات تعمل في المجال، كما امتد المشروع إلى الطلب، ووزارة التجهيز، وهناك خدمات تجري الاستفادة منها بواسطة التكنولوجيات الحديثة، وهناك أرقام سنضعها رهن إشارتكم للـتأكد من هذه الحقيقة، لكن إذا سألتمونني إن كنت أعتبر هذا الأمر كافيا، أقول لكم لا، إذ ما زال هناك طريق يجب علينا أن نعبره.

وقبل أن نتحدث عما سنفعله في هذا الصدد، يجب أن أشير إلى أن المغرب الرقمي، بكل ما يتضمنه من مشاريع وبرامج، كان في البداية مجرد مشروع افتراضي، لكن أصبح الآن واقعيا، وهناك مشروع الإدارة الإلكترونية، وفي البداية كانت فكرة من يشرف على المشروع تتراوح بين وزارة تحديث القطاعات العامة، ومصالح حكومية أخرى، ولم يكن هناك أي ميكانيزم للإشراف على المشروع، ولم تكن هناك تعبئة وانضمام من قبل الوزارات الأخرى، كما لم يكن هناك غلاف مالي لإنجاز المشروع.

بعد مجيئنا للوزارة، أجرينا اتصالات مع كافة القطاعات المعنية، الداخلية، والتعليم، والمالية، وتحديث القطاعات العامة، وتوصلنا إلى تأسيس لجنة لإدارة المشروع، ووضعنا سقف 2013 لتحقيقه، كما حددنا ميزانية لتنفيذه. وحددنا 89 خدمة ستقدمها الإدارة الإلكترونية للمواطنين، وطلبنا من الوزارات الأخرى إبلاغنا بمزيد من الخدمات، التي يمكن للمواطنين الاستفادة منها، وعلى صعيد الحالة المدنية، مثلا، هناك 45 مليون عقد ازدياد جاهزة لطلبها بواسطة الإنترنيت، وتوصل المواطنين بها عبر البريد.

من جهة أخرى، ولدعم المقاولات العاملة في هذا المجال وتشجيعها، فتحنا صندوقا لدعم مشاريع التكنولوجيات الحديثة، بقيمة 100 مليون درهم، إيمانا منا بدعم تقدم المغرب في بناء وتطوير مشروع الإدارة الإلكترونية.

* هل بورصة الدارالبيضاء ضمن المؤسسات، التي يشملها المشروع؟

- نعم، لست من يشرف على هذا الأمر، هناك السيد عبد اللطيف الجواهري، مكلف بتتبع البرنامج الخاص بالبورصة، وهو يؤدي عملا جيدا، بالتنسيق مع المؤسسات البنكية.
- تحدثنا عن الصين والاتحاد الأوروبي والفضاءات الاقتصادية الكبرى، ماذا عن مستقبل الفضاء المغاربي؟

أعتبر أن الاتحاد المغاربي ضرورة حتمية لتوطيد علاقات أكثر إيجابية بالنسبة لشعوبه وقياداته في المستقبل، وهو، أيضا، ضرورة حضارية، وهنا، اسمحوا لي أن أدلكم على كوميدي جزائري، يدعى قادة سكتور، إذا شاهدتم أحد عروضه وهو يتحدث عن الواقع الجزائري، ستكتشفون كما لو كان يتحدث تماما عن الواقع المغربي، فهناك تكامل، وهناك سوق كبيرة، وأنا متفائل باستثمارات رجال الأعمال الجزائريين، وأتمنى أن تزول العقبات المفتعلة والعراقيل، التي تعترض قيام الاتحاد المغاربي، منذ عقود.

* تحدثكم عن القطب الثنائي فاس مكناس، ماذا يمكن فعله؟

- كلما تحدث إلى أشخاص المنطقة، يطرحون علي السؤال نفسه، إن المنطقة بحاجة لنهضة تنموية، فماذا ننتظر؟ في السابق، ربما كانت هناك خلافات بين فريقي "الماس" و"الكوديم" لكرة القدم، أما اليوم، فالناس ناضجون، وينظرون إلى المستقبل بعين مشتركة وطموح موحد، وهناك تكامل بين المدينتين.

* يثار نقاش عميق حول مكاتب الدراسات الأجنبية في المغرب والكم الهائل من العملات الصعبة، التي تحول لحسابها بواسطة صفقات غير مفهومة، كما أن هذه المكاتب أصبحت تثير تساؤلا حول مدى جدوى وجود أطر وكفاءات مغربية في الوزارات ومؤسسات الدولة، نريد توضيحا بشأن هذه النقطة.

- هذا مجرد كلام، ولن أتولى الدفاع عن مكاتب الدراسات الأجنبية، لكن، وبكل موضوعية، وهنا سأتحدث في إطار القطاع الذي أشرف عليه، وهو الصناعة، وتحديدا بالنسبة لي كواضع استراتيجيات، وأمامي مجموعة من المكاتب، التي قد تستجيب لحاجتي، وبالطبع سأختار المكتب، الذي يتوفر على أكبر قدر من التجربة، وهنا أقول إننا الآن نحن بصدد قاعدة الأكثر جودة، وليس الأقل كلفة، وتعاملنا مع المكاتب الدولية ذات السمعة العالمية نابع من اقتناعنا بخبرة هذه المكاتب، وتوفرها على قاعدة بيانات واسعة، من خلال وجود فروع لها في طوكيو، وباريس، وشنغاي، ولندن... إذن، الرؤية واضحة، والهدف يكون أكثر دقة.

* نشكركم على استجابتكم دعوتنا لحضور منتدى "90 دقيقة للإقناع"، ونريد منكم كلمة الختم؟

-قلتها بكل صراحة، إن يومية "لوماتان" أحدثت تقليدا جيدا، وجريدتكم ذات انتشار واسع، وأنتم تقدمون الخبر دون أن تكونوا طرفا فيه، وأعتقد أنها مسألة مهمة وجيدة وضرورية بالنسبة للصحافة، التي تحترم نفسها.




تابعونا على فيسبوك