زيارة خاصة إلى قسم الإنعاش بمستشفى الولادة بالمركز الصحي الجامعي ابن رشد

ارتفاع الضغط.. الخطر الثاني بعد النزيف على حياة الحوامل بالمغرب

الثلاثاء 31 ماي 2011 - 08:49

كشفت مصادر طبية أن إعفاء الحوامل من تكاليف الوضع في مسشفيات المغرب ساهمت في انخفاض نسبة وفياتهن، إذ انتقلت من 227 حالة من أصل كل 100 آلف ولادة حية بين 2003 و2004 إلى 132 حالة وفاة من أصل كل 100 ألف ولادة حية بين 2010 و2011

وأوضحت المصادر نفسها، أن مهنيي الصحة يسعون إلى تخفيض هذه النسبة عبر تحسيس الحوامل بأهمية متابعة وضعهن الصحي بالمراكز الصحية، والكشف المبكر عن أسباب المضاعفات،التي يواجهنها أثناء الحمل، لأن ارتفاع الضغط مازال يشكل الخطر الثاني بعد النزيف، في القضاء على حياتهن.

"المغربية" زارت قسم الإنعاش بمستشفى الولادة بالمركز الصحي الجامعي ابن رشد بالبيضاء، لتقف على نسبة الحالات المصابة بارتفاع الضغط، والإجراءات، التي تتخذ في سبيل إنقاذ حياة الأمهات والأجنة.

قال محمد مكيل، رئيس قسم الإنعاش والتخدير بمستشفى الولادة التابع للمركز الصحي الجامعي ابن رشد، لـ"المغربية" إن هذا المركز يصنف في المستوى الثالث، لأنه يتوفر على قسم للإنعاش وقسم للعمليات، مع أسرة تستفيد منها الحوامل، كما يتوفر على أجهزة ومعدات تساعد في مراقبة حالات الولادات المستعصية، والحوامل في وضع صحي حرج، التي توجه من طرف المراكز الصحية من المستوى الأول والثاني.

وأضاف أن المراكز الصحية من المستوى الأول تقدم خدمات لجميع المرضى، بما فيها الحوامل، في حين تتوفر المراكز الصحية من المستوى الثاني على قسم خاص بالولادة، غير أنها لا تتوفر على أجهزة تقدم فيها خدمات للحالات المستعصية، إذ توجه هذه الأخيرة للمراكز الصحية من المستوى الثالث، من حجم مستشفى الولادة الموجود بالمركز الصحي الجامعي ابن رشد، فهو يستقبل 10 آلاف ولادة سنويا، وتستفيد من خدماته حوامل المدينة وضواحيها إضافة إلى بعض الحالات المستعصية القادمة من مدن أخرى، من بينها مدن خريبكة وبني ملال وأزيلال.

أسرّة كافية بقسم الإنعاش

يتوفر قسم الإنعاش على أسرة كافية لتلبية حاجيات الحوامل الوافدين على المستشفى، حسب مصدر من القسم نفسه، كما يتوفر على معدات وأجهزة، كفيلة بإنقاذ حياة الحالات المستعصية.

ويعد الحرص على النظافة والنظام، من أهم ما يلفت انتباه الزائر لقسم الإنعاش، حسب معاينة "المغربية"، ويعتمد هذا القسم على أطر تسهر إلى جانب المريضات، عبر دورية للمياومة.

وتمنع الزيارة لغير الزوج والأب أو الأم، حفاظا على سلامة نزيلات القسم، حسب التعليمات، التي يجري تنفيذها من طرف الأطر الصحية، إذ لم يجر التوفق في محاولة دخول حجرة النزيلات للتعرف عن قرب على الحالة الوحيدة، التي ترقد في سرير وتستفيد من العناية المركزة. وعلمت "المغربية" أن هذه المريضة وُجهت للمستشفى من طرف المركز الصحي سيدي عثمان بالبيضاء، في حالة استعجالية، وجرى استقبالها في الرابعة من صباح السبت الماضي، ثم أجريت لها عملية قيصرية، على وجه السرعة، من طرف طبيب مقيم، لأنها كانت تعاني ارتفاع الضغط والارتعاج، وجرى إنقاذ الأم وجنينها، بأعجوبة، حسب قول إحدى الممرضات، التي أكدت أن الأم ظلت تحت العناية المركزة لتتجاوز مرحلة الخطر، فيما نقل الرضيع، إلى حاضنة بمركز خارج المستشفى.
يتوفر القسم، حسب الممرضة، على معدات متطورة، وأجهزة تمكن من إجراء فحوصات دقيقة للحوامل، غير أنه يواجه مشكل النقص في الموارد البشرية، مثل باقي مستشفيات المغرب.

حوالي 220 مصابة بمضاعفات ارتفاع الضغط

يعتبر ارتفاع الضغط السبب الثاني بعد النزيف في وفاة الحوامل بالمغرب، يقول محمد مكيل، الذي شارك في عدة حملات تحسيسية حول ضرورة اهتمام الحوامل بتتبع الحمل، والكشف المبكر عن الإصابة بارتفاع الضغط، وأشار إلى أن وزارة الصحة توفر، حاليا، دواء يساهم في التخفيف والحد من مضاعفات ارتفاع الضغط، التي تتعرض لها الحامل، قبل الوضع.

يجهل الاختصاصيون الأسباب الحقيقية، التي تؤدي إلى ارتفاع الضغط عند الحوامل، غير أن هناك بعض العوامل، التي تساهم في ارتفاعه، وتشير بعض الدراسات إلى الإصابة بداء السكري ومرض الشرايين، كما أن الحمل الثنائي أو الثلاثي، تؤدي إلى ارتفاع الضغط.

وتتراوح نسبة الوفيات نتيجة ارتفاع الضغط ومضاعفاته بين 6 و10 في المائة في المغرب والعالم أيضا، حسب مكيل، الذي قال إن قسم الإنعاش بمستشفى الولادة التابع للمركز الصحي ابن رشد، يستقبل 220 مصابة بمضاعفات ارتفاع الضغط كل سنة.

يجري اكتشاف ارتفاع الضغط عبر مراقبته وكشفه في التحاليل البولية، ويعتبر تجاوز 160 على 10 في قياس الضغط مؤشرا خطيرا على صحة الحامل والجنين، ويؤدي عند بعض النساء إلى الغيبوبة والارتعاج، أي تركل الحامل باليدين والرجلين، مثل المصابين بداء الصرع.

تحتاج الحامل، التي تعاني هذه الحالة، الخضوع لعناية مركزة في المستشفى، لأن الاحتفاظ بها بمنزلها يهدد حياتها وحياة جنينها، يقول مكيل، الذي يؤكد أن أي تأخر في نقلها للمركز الصحي يؤثر على صحتها، لأن ارتفاع الضغط عند الحامل يمكن أن يؤدي، أيضا، إلى عجز في الكلي، وتجلط الدم، كما يؤثر على القلب والرئتين والكبد.

ومن علامات ارتفاع الضغط عند الحامل، انتفاخ على مستوى الرجلين واليدين وأحيانا الوجه، وصداع على مستوى الرأس، إضافة إلى اضطراب في الرؤية، يقول مكيل، الذي يوضح أنه لمواجهة مضاعفات ارتفاع الضغط والارتعاج يلجأ الأطباء إلى الحد من الحمل.

ويجري حد الحمل ابتداء من 34 أسبوعا، حسب مكيل، الذي يوضح أن الحامل المهددة بمضاعفات ارتفاع الضغط تستقبل بقسم الإنعاش، ليراقب وضعها واتخاذ إجراء بخصوص حملها، لأن بعضهن، يستفدن، حسب أسابيع الحمل، من دواء يساعد الجنين على التنفس، بعد وضعه، في حالة عدم اكتمال مدة حمله، فيما يمكن أن يجري وضع حد للحمل في حالة خطورته على حياة الأم، التي تعاني الارتعاج.

وأشار محمد مكيل إلى تسجيل انخفاض مهم سنة 2010 في نسبة إصابة الحوامل بالارتعاج، والفضل يعود إلى دخول دواء جديد، في السنة نفسها، وهو معروض بجميع الصيدليات، كما توفره وزارة الصحة بجميع المراكز الصحية.

لا توجد أي وقاية من الإصابة بارتفاع الضغط، يقول مكيل، الذي يشير إلى وجود دراسات تتحدث عن بعض الأدوية دون نتائج حقيقية، وينصح الاختصاصي النساء، اللواتي عانين ارتفاعا في الضغط والارتعاج، ضرورة تتبع وضعهن الصحي بعد الوضع، لأنهن معرضات لأمراض الشرايين والقلب والدماغ.

تفاصيل إنقاذ مصابة بارتفاع الضغط من موت محقق

قالت (ج.ي)، حامل من الدارالبيضاء، إنها كانت تعاني صداعا على مستوى الرأس، واضطرابا في النظر، قبل تعرضها لمضاعفات صحية، أدت إلى دخولها مرحلة غيبوبة.

نقلت (ج.ي)، صباح الأربعاء الماضي، من قسم الإنعاش، بعدما جرى إنقاذ حياتها إلى جناح الولادة، حيث كانت ترقد في سرير بمفردها، فيما كانت باقي النزيلات مع رضعهن.

كان الصمت والهدوء يخيمان على القاعة، التي تخلد فيها أغلبية النزيلات للنوم، فيما كانت نزيلة واحدة تحاول إرضاع ابنها، الذي يصرخ من حين لآخر.

ردت (ج.ي) على أسئلة "المغربية" بصوت خافت، وجمل قصيرة، لأن قواها مازالت منهارة، بعد خضوعها لعملية قيصرية صباح السبت الماضي.

قالت إنها كانت فاقدة وعيها، حين عمل زوجها على نقلها بمساعدة قريبة لها، إلى مستشفى سيدي عثمان، لتلقي الإسعافات الأولية، وجرى توجيهها في حالة استعجالية إلى مستشفى الولادة بالمركز الصحي الجامعي ابن رشد.

كانت مثل المصابة بما يعرف بين العامة بـ"المس"، حسب شهادة السعدية، قريبة رافقت المريضة. كانت تتخبط وتضرب بيديها ورجليها، حصل ذلك قبل منتصف ليلة الجمعة الماضي. استنجد الزوج بأحد أفراد أسرته، الذي نصحه بضرورة تدخل "فقيه" يثقن ما يعرف بـ"الصرع".

لم يفلح "الفقيه" في إنقاذ المصابة من حالة الغيبوبة والتخبط، حسب قول السعدية، فاستعجل بطلب سيارة إسعاف من المركز الصحي سيدي عثمان، حيث استقبلت على وجه السرعة من طرف الأطر الصحية، وتلقت الإسعافات الأولية، وجرى توجيهها إلى مستشفى ابن رشد، الذي يتوفر على معدات عالية لاستقبال الحالات المستعصية، وأخبر أحد المسؤولين بمستشفى سيدي عثمان الزوج أنه بفضل الوثيقة، التي سلمت إليه، يعفى من جميع واجبات الإسعاف والعلاج.

وفي المركز الصحي الجامعي ابن رشد جرى استقبال المريضة بعناية فائقة، حسب قول الزوج، الذي قال لـ"المغربية" إنه لم يتوقع السرعة، التي عملت بها الأطر، ولا الحنكة، الذي أبداها الطبيب المشرف على العملية.

"المهم أنقدت زوجتي وابني"، يقول محمد، الذي عبر عن ارتياحه لاستفادته من مجانية الوضع والعلاج.

استمرت الزوجة تحت العناية المركزة مدة 48 ساعة، بقسم الإنعاش، وأجريت لها فحوصات وتحاليل، للتأكد من عدم تأثير ارتفاع الضغط على بعض أعضاء الجسم، ونقلت بعدها إلى جناح الولادة، صباح الأربعاء، لتغادر المستشفى صباح الجمعة الماضي، في صحة جيدة، فيما كان الرضيع يستفيد من مكوثه بحاضنة تابعة لجمعية قطرة حليب بالدارالبيضاء.




تابعونا على فيسبوك