الرباط تحتضن مؤتمر دوليا حول مكافحة الفساد وتدعيم الشفافية

الجمعة 10 يونيو 2011 - 09:25
(خاص)

افتتحت، أمس الخميس، بالرباط، أشغال مؤتمر حوار الفاعلين متعدد الأطراف، تحت الرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس، حول موضوع "نحو تفعيل الالتزامات بشأن مكافحة الفساد في الممارسة: الشفافية والشراكة وسيادة القانون".

وسيشكل هذا اللقاء الدولي، حسب المنظمين، فرصة لمناقشة برامج محاربة الرشوة في ظل التطورات الجارية في المنطقة العربية، بما يقتضيه الأمر من تعزيز للجهود المبذولة في مجال مكافحة الفساد، وتدعيم الشفافية، وسيادة القانون، وبغية التجاوب مع تحقيق نتائج ملموسة بشأن الانتظارات الحيوية للمجتمعات العربية.

ويتوخى اللقاء، الذي نظمته وزارة تحديث القطاعات العامة، بتعاون مع منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي وبتنسيق مع مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة، إدماج تدابير ومبادرات مكافحة الفساد في القطاعين العام والخاص، وإعداد أرضية إقليمية لتعرض للمناقشة في الدورة الرابعة لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، الذي سيحتضنه المغرب من 24 إلى 28 أكتوبر المقبل، بمدينة مراكش.

وقال عباس الفاسي، الوزير الأول، خلال افتتاح هذا اللقاء، إن "الوعي بالتداعيات الوخيمة لآفة الفساد، جعل ورش تخليق الحياة العامة يحظى بالأولوية في برامج عمل الحكومة"، مشيرا إلى أن المغرب التزم بمناهضة كل أشكال الفساد وفق مقاربة شمولية، تستمد أسسها من عوامل موضوعية عدة، على رأسها الإرادة القوية المعبر عنها من قبل جلالة الملك محمد السادس.

وأكد أن "الالتزام بمواجهة آفة الفساد بالمغرب لا يمكن أن يكون إلا بتعبئة وتفعيل مختلف الآليات القانونية والوقائية والتواصلية والتحسيسية، في إطار برنامج عمل وطني شمولي، يخضع للتشاور مع مختلف الفاعلين، ويرتكز على المساهمة الفعالة لهيئات وفعاليات المجتمع المدني، كشريك رئيسي في تنفيذ وتحقيق أهداف هذا البرنامج، ما يجعل هذه المنهجية تنسجم كليا مع التوجهات الدولية في هذا المجال".

وأبز الوزير الأول أن المغرب يعتز بانضمامه إلى لجنة الحكامة العامة كعضو ملاحظ دائم، ويدعو، من خلال هذا اللقاء، إلى مواصلة الجهود لتمتين جسور التعاون الدولي البناء، خاصة في مجالات ترسيخ دعائم الحكامة الجيدة، ومكافحة الفساد، من خلال تفعيل الالتزامات بترسيخ الشفافية والنزاهة، وتقوية المساءلة والمحاسبة، ودعم الشراكة، وتكريس دولة القانون والعدالة، التي ترتكز على عدد من المبادئ، منها ضرورة خضوع الحكومات ومؤسساتها الرسمية لسلطة القانون، التي تسمو على كل شيء.

وشدد الفاسي على ضرورة العمل على تدعيم التنسيق والتعاون الوطني والدولي، كآليتين أساسيتين لمواجهة الامتدادات الجغرافية لرقعة الفساد، والاستفادة من الممارسات والتجارب الدولية الناجحة، إلى جانب إعطاء المقاربة الوقائية مكانتها المتميزة عند تناول موضوع الرشوة، باستهدافها السلوكات الفردية والجماعية، من أجل تهذيبها وتقويمها، وتربيتها على المبادئ والقيم، التي يجب أن يقوم عليها المجتمع.

وذكر ببرنامج الحكومة في مجال الوقاية من الرشوة ومحاربتها على المستوى المؤسساتي والاقتصادي والإداري، مشيرا إلى أن المغرب سبق أن اعتمد تشريعا جديدا، يتعلق بالتصريح الإجباري بالممتلكات، وأن الحكومة منكبة على إعداد مشروع بتغيير الإطار القانوني المنظم للصفقات العمومية، بهدف تدعيم التنافسية وإرساء المساواة بين المتنافسين.

من جهته، قال ريشارد بوشيه، نائب الأمين العام لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، إن "الحركية الجارية بالمنطقة العربية تنادي بالتغيير، ومحاربة الرشوة، وتوفير النزاهة والشفافية من بين مطالب هؤلاء المواطنين"، مشيرا إلى أن الرشوة تمنع المواطنين من التعبير عن اختياراتهم في الحياة العامة، ولا تشجع على الاستثمار، وتبعد موارد، كان من الممكن استغلالها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية.
وأضاف "نحن اليوم في لحظة تاريخية مهمة، ما يستدعي من الحكومات استغلال هذه الفرصة لمحاربة الرشوة، وترسيخ حكامة جيدة، وتحفيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالمنطقة"، مؤكدا أن محاربة الرشوة واتخاذ التدابير اللازمة تعتبر من بين الأولويات، التي تنادي بها الشعوب. وأضاف أن عدم رضا الشعوب لم يقتصر على المنطقة العربية، بل شمل، أيضا، إسبانيا واليونان، من خلال المظاهرات الأخيرة في البلدين.

وعن قسم البرامج الإقليمية العربية في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، قال رئيسه، عادل عبد اللطيف، إن مواكبة تطور جهود مكافحة الفساد في المنطقة العربية بدأت منذ سنة 2003، مشيرا إلى أن المكاتب القطرية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في مصر وتونس والمغرب تستعد لتعزيز انخراطها في برامج جديدة ومتخصصة، تستهدف مساعدة هذه البلدان على تطوير وتنفيذ استراتيجيات، ووضع خطط وطنية لمكافحة الفساد.

وفي مداخلته، اعتبر ديمتري فلاسيس، رئيس قسم الفساد والجرائم الاقتصادية في مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، أن "الحكومات هي المسؤول الأول عن تفعيل اتفاقية محاربة الفساد"، وأن عليها أن تركز على التفعيل المستمر للإصلاحات والقوانين، التي وضعتها بهذا الخصوص.

وأضاف أن للقطاع الخاص دورا مهما في مكافحة الفساد، بأن يصبح فاعلا أساسيا في ذلك، ويكف عن مطالبة الدولة بالدعم من أجل محاربة الفساد، ويصبح جزءا من الحل، وأن عليه تنظيم بيته الداخلي.




تابعونا على فيسبوك