هاجم المعارضة والإعلام ووعد بالسكن ورفع ضد المفسدين شعار لي فرط يكرط

بنعبد الله: لو كان علي يعتة حيا لاتخذ مواقفنا.. والأصعب هو دخول هذه الحكومة

الثلاثاء 24 أبريل 2012 - 15:40
(كرتوش)

قال محمد نبيل بنعبد الله، وزير السكنى والتعمير وسياسة المدينة، لو كان الزعيم الشيوعي الراحل علي يعتة حيا، وفي قيادة حزب التقدم والاشتراكية، الذي ساهم في تأسيسه لاتخذ مواقفه نفسها اليوم في عهد حكومة بنكيران، مبرزا أن أصعب شيء، هو أن تكون في هذه الحكومة، وأ

واستعمل الأمين العام لحزب الكتاب الأسلحة الثقيلة لمهاجمة المعارضة وتيار من الإعلام بقوله "المعارضة تبحث عن نفسها بدليل انقسامها تجاه التصويت على القانون المالي"، موضحا أن "هناك من يحاول جرنا إلى مقابلة التصريح بالتصريح، والرد بالرد كأننا في حلبة صراع وليس في حكومة مقيدة ببرنامج وميثاق"، مضيفا "قلت لبنكيران بخصوص العمران.. خليهم يقولوا لي بغاو راه كيخربقو"..

وتساءل بنعبد الله، الذي حل ضيفا على "المغربية"، "هل هناك قرار اتخذته الحكومة، ويمكن أن يمس بالمشروع المجتمعي الديمقراطي مثلا فالتزمنا الصمت؟، مشددا على أن "ما يثلج صدرنا هو أن رئيس الحكومة يساير ما نعبر عنه"، متعهدا بأن "الحكومة ستدبر الانتخابات بشكل نزيه وشفاف كيفما كان الأشخاص، الذين سينزلون هذا التدبير"، في إشارة إلى الولاة والعمال ورجال الداخلية.

ووعد الوزير المغاربة بعروض سكن متنوعة بقوله "نهدف إلى تقليص العجز السكني بنسبة 50 في المائة، وتحقيق وتيرة إنتاج تصل إلى 170 ألف وحدة سكنية سنويا"، مبرزا أن مشروع "مدن بدون صفيح يندرج في إطار قطاع يحظى بتوجيهات ملكية سامية واهتمام من المواطن، لذلك فنحن مطالبون بتقديم النتائج والمردودية، وعلى جميع المتدخلين تحمل مسؤولياتهم".

واعتبر بنعبد الله أن مؤسسة العمران تابعة للحكومة وتنفذ سياساتها، وأن "العمران لا تنافس الخواص ولا تخدم برنامج هذا ولا ذاك، أو هذا الحزب أو ذاك"، رافضا مبادرات نشر اللوائح لمحاربة الفساد من غير نمط حكامة ناجع، رافعا شعار "لي يفرط يكرط" في وجه مسؤولي وموظفي وزارته والمؤسسات التابعة لها.

بداية على مستوى وزارة السكنى والتعمير وسياسة المدينة، نود معرفة المرجعيات أو الأسس التي وضعتم وفقها خطة عملكم للفترة 2012-2016، ومعرفة ما مدى تناغم تلك الخطة مع الدستور الجديد، والبرنامج الحكومي وتطلعات المواطنين والشركاء؟

في الواقع، خطة عمل وزارة السكنى والتعمير وسياسة المدينة للفترة 2012-2016، كما عرضتها، أخيرا، على المجلس الحكومي برئاسة عبد الإله بنكيران تقوم على خمسة محاور رئيسية، وهي أولا تطوير مناهج التخطيط المجالي مع مأسسة وتفعيل الالتقائية، حتى يجري تحديد المسؤوليات وتكامل الاختصاصات، ثانيا وضع أسس سياسة المدينة كتوجه جديد لتطوير المدن والتخطيط التشاركي المسبق للمجال الحضري، ثالثا تقليص العجز السكني عبر مواصلة سياسة السكن الاجتماعي وإصلاح الاختلالات وتقوية الشركات، رابعا تأهيل وتطوير القطاع عبر مراجعة الترسانة القانونية المنظمة له، خامسا تطوير الحكامة أي ربط المسؤولية بالمحاسبة، وتنزيل آليات عملية لمحاربة الفساد في هذا القطاع الحيوي ببلادنا.

من جهة أخرى، فكما سبق أن عرضت أمام الحكومة والإعلام، فمرجعيات هذه الخطة هي بالأساس المضامين الديمقراطية المتقدمة للدستور، خاصة ما نص عليه من جيل جديد من الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، والتوجيهات الملكية، وكذلك ما أقره من حق المواطنات والمواطنين في سكن لائق وإطار عيش يحفظ الكرامة، وما شدد عليه من إقرار عدالة مجالية في إطار من التضامن الوطني وتحقيق التماسك والاندماج الاجتماعي ومحاربة الفوارق، واعتماد الحكامة الجيدة والشفافية والتخليق، والعمل بمنهجية التشارك والتشاور في بلورة وتنفيذ السياسات العمومية. ولنا اليقين بأن هذه الخطة تجد روحها في الدستور الجديد، والبرنامج الحكومي وتتماشى مع تطلعات المواطنين وشركائنا في قطاع السكنى والتعمير وسياسة المدينة، سواء كانوا حكوميين أو مهنيين أو مجتمع مدني.

خطة عمل وزارتكم هذه، قلتم إنها وضعت كذلك على تشخيص واقع القطاع، ما هي النتائج التي خلصتم إليها ؟

في الحقيقة لا يجب إنكار وجود سياسة عمومية متقدمة كانت متبعة في وزارة السكنى والتعمير وسياسية المدينة، كما تسمى اليوم خاصة في الجانب المتعلق بالسكن الاجتماعي والسعي إلى تقليل العجز في السكن بمختلف أنواعه والجهود التي بذلت في التعمير، لكن في الوقت نفسه تخللت هذه التراكمات الإيجابية بعض الاختلالات، على هذا الأساس، وانطلاقا مما تضمنه الدستور من جيل جديد من الحقوق والواجبات حرصنا على أن تأخذ خطة عمل الوزارة بالاعتبار الوقع الاقتصادي والاجتماعي للقطاع، الذي يساهم كما تعرفون بنسبة 6.7 في المائة من الناتج الداخلي الخام، إذ يوفر أزيد من مليون منصب شغل بوتيرة إنتاج بلغت 150 ألف وحدة سكنية سنة 2011، في حين ناهز المبلغ الإجمالي للقروض العقارية الجارية 207.13 ملايير درهم برسم السنة نفسها. لذلك فهذه الخطة تنطلق من تعزيز المكتسبات وترصيدها ومعالجة الاختلالات.

بغض النظر عن الاقتصادي والاجتماعي للقطاع، ماهي المكتسبات الكبرى التي وجدتموها، وما هي الإكراهات الموروثة خاصة تلك المرتبطة بالحكامة؟

هناك إطار مؤسساتي لا ممركز لمواكبة وتأطير نمو المجالات، إذ نتوفر على 26 وكالة حضرية، و16 مفتشية جهوية، و29 مندوبية إقليمية، فضلا عن مجموعة العمران كمؤسسة تابعة للحكومة تنفذ سياساتها، التي تملك 14 شركة فرعية، وهناك نتائج الحوار الوطني حول إعداد التراب والميثاق الوطني حول التراب، والمجلس الأعلى لإعداد التراب، الذي انعقد مرة واحدة، وبخصوص آليات التدخل هناك صندوق التضامن للسكن، وصندوق التنمية القروية، والشركات الفعالة مع القطاع الخاص والمهنيين، كما وجدنا مرجعية غنية في مجال إعداد التراب وتفعيل أولي لاستراتيجية التنمية القروية، إلى جانب إحداث أربع مدن جديدة منها تامنصورت، وتامسنا وهي تجربة في حاجة إلى تقييم. أما في ما يتعلق بالاكراهات فهي مرتبطة بثلاثة مستويات لا مستوى الحكامة فقط.

فهناك محور الإشكالية الحضرية خاصة ضعف توازن الشبكة الحضرية، وامتداد للمدن على المحيط الأطلسي وهناك مدن كبرى، وأخرى متوسطة، وأخرى ما هي بحضرية ولا قروية، أضف إلى ذلك تراكم العجز السكني بـ840.000 وحدة نتيجة الوتيرة السريعة للتمدن، علما أنه في أفق عام 2020 يتوقع أن يصل خلاله سكان المدن إلى 75 في المائة، وأخيرا وليس آخر إشكالية تعبئة العقار والمحور الثاني من الإكراهات المطروحة يتعلق بآليات التدخل كوجود منظومة قانونية متجاوزة وغياب آلية للتدخل في السكن المهدد بالانهيار، والأنسجة العتيقة، فماعدا وكالة إنقاذ فاس بالعاصمة العلمية، فالمدن العتيقة المهددة كمكناس والبيضاء ومراكش فهي في حاجة إلى آلية للتدخل، علما أن هناك 114 ألف نسيج عتيق مهدد بالانهيار، وترميم الواحد منه يكلف 160 ألف درهم، ثم الحضور القوي للقطاع غير المهيكل. أما الإكراهات ذات الصلة بالحكامة فتتوزع بين ضعف الالتقائية والاندماجية في السياسات العمومية وتعدد المتدخلين دون تحديد دقيق للمسؤوليات وانتشار ممارسات مخلة بالحكامة الجيدة والشفافية، ومن ثمة فالوزارة بعدما أطلقت حوارا حول سياسة المدينة في القطاعات الوزارية وسعت من دائرة هذا الحوار في بعد جهوي، إذ كانت البداية من ولاية جهة الرباط ليشمل جميع الجهات والأقاليم على أن يختتم بمناظرة وطنية في يونيو المقبل، لإنتاج مرجع أولي معد بمقاربة تشاركية يمكننا في إطار سياسة المدينة من فرز الاختلالات حضريا واجتماعيا، بعدما وجدنا مدنا تفتقد الاستقطاب وتدخلات قطاعية تعوزها الالتقائية، بهدف التحكم في سياسة المدن وإنتاج الثروة العقارية، وتحقيق النمو داخل المدن والمراكز الصاعدة، وتقليص الفوارق الحضرية ومحاربة الإقصاء.

يحتل تقليص العجز السكني المرتبة الثالثة ضمن الأهداف الخمسة الكبرى المتضمنة في خطة وزارتكم. المواطن يود معرفة الرؤية الإستراتيجية لديكم على مستوى نمط الحكامة، الذي ستعتمدونه في هذا الإطار؟

أولا، فضلا عن أن سياسة الوزارة السكنية ستنفذ في إطار مقاربة شمولية لإعداد التراب وتهيئة المجال وسياسة المدينة، وفق مخططات استشرافية تقوم على تناسق الاستراتيجيات القطاعية الوطنية، وعلى تطوير وعصرنة أدوات ومرجعيات التخطيط المجالي وتوفير جيل جديد من وثائق التعمير، أكثر مرونة وقابلة للتنفيذ في إطار تعاقدي، إضافة إلى بلورة وتفعيل سياسة عقارية عمومية جديدة، وتنويع آليات التمويل والضمان وتطويرها، واعتماد مقاربة تشاركية مع الفاعلين والمستفيدين، وإصلاح وعصرنة المنظومة القانونية وتعزيز المهنية والتنظيم، وتوفير ضمانات الجودة، وإحداث قطب الكفاءات في مجال التكوين. فإن خطتنا على مستوى تحقيق رؤية تقليص العجز السكني تنطلق من تعزيز المكتسبات ومعالجة الاختلالات، وفق مقاربات جديدة تضمن نجاعة التدخلات العمومية في مجال تكثيف العرض السكني لتقليص هذا العجز السكني بنسبة 50 في المائة، وتحقيق وتيرة إنتاج تصل إلى 170 ألف وحدة سكنية سنويا، عبر مواصلة وتحسين برنامج مدن بدون صفيح، والمساهمة في معالجة 20 ألف وحدة من السكن المهدد بالانهيار، مع العمل على تنويع العرض وتوفير منتوجات جديدة تهم على الخصوص الطبقة الوسطى عبر إنتاج 500 ألف وحدة من السكن الاجتماعي و100 ألف وحدة لفائدة الطبقة المتوسطة، والكراء المعد للسكن، وسكن الشباب والأسر الحديثة التكوين، وتأطير وتجويد البناء الذاتي، وبلورة مقاربة خاصة بالسكن في المجال القروي. علما أنه لهذه الأوراش التفعيلية إجراءات مصاحبة تتمحور حول وضع سياسة عمومية لتعبئة العقار وتنويع آليات التمويل والضمان، وإحداث مرصد وطني ومراصد جهوية للتتبع وتقييم القطاع.

برنامج مدن بدون صفيح، رغم تعاقب أكثر من حكومة ما زال مفتقدا لطريق النجاح بسبب تداخل الاختصاصات الإدارية والمزايدات السياسوية.. ماهي المقاربة التي جئتم بها لتدبير هذا الملف بنجاعة أفضل؟

بحكم الواقع، من الطبيعي أن يكون هناك أكثر من متدخل في تدبير هذا الملف، لكن غياب العمل بمنهجية التشارك والتشاور في بلورة وتنفيذ السياسات العمومية في هذا الملف وعدم التقائية التدخلات القطاعية، كانت ربما من أسباب عدم تحقيق النتائج المرجوة، لكن اليوم بعدما أخدنا مصادقة المجلس الحكومي على خطة عمل الوزارة، بات واجب توضيح الاختصاصات والعمل على تكامل التدخلات، فهناك منتخبون، وهناك سلطات محلية، وهناك مصالح خارجية، وهناك مهنيون، وهناك شركاء وهناك مستفيدون. علينا معالجة هذا الملف بتوجهات واحدة ومقاربة واحدة، وتبني نمط حكامة ناجع، والبداية بنشر لوائح المستفيدين وإحصاء القاطنين في مدن الصفيح، كي لا نبقى في صراع مع سرعة زمن ضغط الهجرة القروية، نحو حواشي المدن، وتلاعب السماسرة والمفسدين والمزايدين بملف مدن الصفيح، هذا الملف ضمن قطاع يحظى بالتوجيهات السامية لجلالة الملك محمد السادس وعناية سامية وتتبع شخصي من جلالته، واهتمام من المواطن، لذلك فنحن مطالبون بتقديم النتائج والمردودية، وعلى الجميع أن يتحمل مسؤوليته، لأنه لا ينبغي أن يستفيد حي سكني من برنامج مدن بدون صفيح، فيولد حي صفيحي جديد.

ارتباطا بمدن بدون صفيح، فقط، بلغنا من مسؤولين محليين بوزارتكم أن سلطة الولاة والعمال هي المتحكمة في تدبير هذه الأخيرة، فهل مقاربتكم قادرة على إحداث نوع من توازن السلط بين وزارتكم ووزارة الداخلية في تدبير هذا الملف المتشعب؟

أعتقد أنه بعد مصادقة مجلس الحكومة برئاسة رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران على خطة الوزارة السكنية للفترة الممتدة من 2012 -2016، وتبني مقاربات جديدة تضمن نجاعة التدخلات العمومية لتنفيذ خطة الوزارة ككل، لا مجال أضحى يسمح بإحداث تعارض بين وزارة السكنى والتعمير وسياسة المدينة ووزارة الداخلية، فإذا لم يعالج ملف مدن بدون صفيح وفق هذه المقاربة التكاملية والتقائية السياسات سنفشل جميعا، وهذا ما سنرفض السقوط فيه، كحكومة متضامنة ورئيس الحكومة واع بهذا الأمر، ويحث دائما على التنسيق الجيد والفعال، لأننا، كما قلت، مطالبون بتقديم النتائج فجلالة الملك يتابع هذا الملف.

قبل ساعات من مقابلتكم بلغنا أن هيئات مدنية وسكان إحدى كبريات مدن الصفيح بالمغرب، تقع ضواحي القنيطرة بدواوير أولاد مبارك الحنشة بني مسكين، وجهوا رسالة إلى وزير الداخلية يشكون فيها عدم تأشير الوالي أحمد الموساوي على محضر لجنة مختلطة محلية في طليعتها مفتشية وزارتكم لتفعيل برنامج مدن بدون صفيح المجمد بالمنطقة منذ أكثر من عام، علما أن السكان المعنيين هدموا براريكم وينتظرون وعد سلطات الولاية تمكينهم من بقعهم الكاملة التجهيز في إطار البرنامج المذكور، فما جوابكم كوزير مسؤول؟

كباقي ملفات وقضايا السكنى والتعمير سنولي ذلك كل الاهتمام، لمعرفة ما إذا كانت المشاكل مرتبطة بالتنسيق، أو صعوبة في تحديد المستفيدين أو تحديد الأولويات أو غير ذلك. المهم حل المشاكل في إطار من التكامل لا التداخل والتصادم، لأن ورش مدن بدون صفيح من الأوراش الكبرى في خطة عمل الوزارة والمدعوم من طرف الحكومة، التي كما قلت دائما يحث رئيسها على التنسيق والعمل على حصد النتائج المرجوة.

هناك من يعتبر أن المستفيدين من التوقيع على الرخص الاستثنائية وسماسرة العقار وضعف الشفافية في الإدارة المشرفة على القطاع، سيشكلون عبئا ثقيلا على عملية تنزيل سياسة الوزارة الإصلاحية، التي تروم تبسيط وتعميم وثائق التعمير وإخراج تصاميم التهيئة وغيرها من الإجراءات العملية للتحكم في سياسة المدن وتخليق الممارسات في العقار.. ما ردكم أو كيف ستفعلون "ربط المسؤولية بالمحاسبة" كمبدأ دستوري؟

بتطبيق القانون، لأن ترك كثرة المتدخلين في القطاع دون الالتزام بتنزيل خطة الوزارة المعلن عنها، التي من أهم محاورها مناهج التخطيط المجالي وتفعيل الالتقائية حتى يجري تحديد المسؤوليات، وتكامل الاختصاصات، واعتماد الحكامة الجيدة والشفافية والتخليق، والعمل بمنهجية التشارك والتشاور في بلورة وتنفيذ السياسات العمومية، إلى جانب تضارب المصالح لا يمكن معه إصلاح اختلالات قطاع السكن، لذلك فالحل هو تطبيق القانون، فكما قلت لدينا آليات عملية لتنزيل الحكامة وتعزيز الشفافية والتخليق في القطاع تقوم على ثلاثة أوراش للتفعيل، وهي اعتماد التتبع والتقييم والافتحاص الدوري، وتخليق المرفق العمومي، وتجويد الخدمات، وتحديد أدوار المتدخلين، إلى جانب إجراءات مصاحبة تهم اعتماد المقاربة التعاقدية وتطوير شفافية نظام المعلومات، فعبر هذه المقاربة سيجري الحرص على الشفافية في التعاملات، وحسن تدبير الأموال العمومية والحرص على علاقة بين الإدارة والمواطن والمقاولات والمهنيين مبنية على تعاقدات واضحة وشفافة يسودها التساوي والعدالة، وغايتها الصالح العام. هذه هي الآليات العملية لا نشر اللوائح دون مواكبتها بإجراءات تحرم المستفيدين غير القانونية، كما جرى مع لوائح نشرت، فنحن داخل الوزارة جئنا بنظرة إلى الأمام بإعداد سياسة سكنية تقلص العجز، وتعالج الاختلالات بمقاربة عملياتية، ولم نأتي كي نقود سيارة، وأعيننا على المرآة الخلفية.. بمعنى لا يمكن أن نعود مثلا إلى لوائح المستفيدين من تجزئات مؤسسات العمران، التي أطلقت منذ إحداثها مئات الآلاف من الوحدات السكنية كي أنشر اسم فلان استفاد من ثلاث بقع هنا، وأربع هناك لقوة شبكة علاقاته أو غيره.

والحال أن هناك مواطنين شرفاء اشتروا بقعا سكنية بعرق جباههم. فأي عدالة تلك عندما أنشر النوعين معا، علما أن هؤلاء حازوا شهادات ملكية، إلا إذا كنا نريد أن ندخل ملفات آلاف القضايا إلى المحاكم، بيد أنه أود القول لهؤلاء المستفيدين بطرق غير شفافة، لقد ولى ذلك الزمن اليوم من ثبت تورطه في هذه الممارسات سيكون مصيره المحكمة، كما لن نتساهل داخل الإدارة، مع أي ممارسات مخلة بقواعد الشفافية والتخليق والساقطة في بؤر الفساد والرشوة، فالرد يكون صارما و"لي يفرط يكرط".

على ذكر مؤسسة العمران تترأسون اليوم الثلاثاء إلى جانب رئيس الحكومة مجلس رقابتها المنعقد لأول مرة على عهد الحكومة الجديدة، ما جدول الأعمال؟

نعم سيترأس رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران مجلس الرقابة لمؤسسة العمران اليوم الثلاثاء، وهي مناسبة للاطلاع على برامج هذه المؤسسة التابعة للحكومة، والتي تنفذ سياستها في مجال السكنى والتعمير وسياسة المدينة، والهدف كذلك هو التأكيد بأنه ليس هناك أي مشكل لي مع الرئيس المدير العام لمؤسسة العمران، وليس لي هناك أي طموح كي يسيطر أحد على الآخر.. والمؤسسة لا تخدم برنامج هذا ولا ذاك أو هذا الحزب أو ذاك، وتأكيد أنها مؤسسة في قلب هدفها الاجتماعي، وأن المنافسة في قطاع السكن محصورة بين شركات الخواص.

فعلا مؤسسة العمران شهدت في نهاية الحكومة السابقة بعض الحسابات السياسوية لا أريد الخوض فيها، لأنه ليس أخلاقيات حزب التقدم والاشتراكية أن نخلط بين مصالح الحزب ومصالح الوطن، وهنا أفتح قوسا لتوضيح بعض الأمور، فبعد صدور مقال صحافي في إحدى الصحف حول الحكومة والعمران اتصل بي رئيس الحكومة، وقال لي "يريدون أن يوقعوا بيني وبينك حول رئاسة مجلس رقابة العمران"، فقلت له "خليهم يقولوا لي بغاو راه كيخربقو".. لذلك فمن المصلحة العامة أن يكون رئيس الحكومة هو رئيس مجلس رقابة العمران، واكتفي كوزير وصي على القطاع بالنيابة عنه، لأن هناك مشاكل عدة تعترض عمل العمران لا يمكن حلها إلا بواسطة صلاحيات رئيس الحكومة.

ماذا عن تصريحات وزير العدل بشأن السياحة، وما واكب تعديل دفاتر التحملات في القطاع السمعي البصري؟

أقول قرارا وليس تصريحا أي قانون أو مرسوم، فهل مشروع قانون المالية المصوت عليه يتعارض مع المشروع المجتمعي الحداثي مثلا، أو مع البرنامج الحكومي أو ميثاق الأغلبية. إن الأمر يتعلق بتصريحات، فقط، تستغلها بعض وسائل الإعلام، كأنها جديدة كنشر لوائح المستفيدين من دعم الجمعيات، كما لو كان من سير هذه الوزارة من قبل شيد تدبيرها على أساس حزبي، والحال أن حزب التقدم والاشتراكية منذ دخوله حكومة عبد الرحمان اليوسفي، قدم خيرة أطره لتحمل مسؤولية قطاعات وزارية دون أن نسمعه تقارير سوداء من المجلس الأعلى للحسابات، أو المفتشيات لذلك، فأذكر بأن حزب التقدم والاشتراكية كان دائما ولايزال في طليعة الرافضين للفساد.. أما في ما يخص تلك التصريحات ستكون لنا مناسبة في إطار حكومي كي نتبادل الرأي بشأنها وما يثلج صدرنا هو أن رئيس الحكومة يساير ما نعبر عنه.. فهذه فترة انطلاقة وأمامنا خمس سنوات ما يعني أنه علينا ألا نسقط في التأويل الإعلامي القصير النظر، طلما نلتقي في محاربة الفساد والرشوة.

ماذا لو كان علي يعتة في قيادة الحزب اليوم وما رأيك في هذه الشخصية السياسية؟

علي يعتة أستاذنا بصم هذا الحزب، عندما كان أحد مؤسسيه، وهو شخصية وطنية بارزة في التاريخ السياسي. كان بمثابة رجل دولة بامتياز، يغلب مصلحة الوطن على مصلحة الحزب، وهذا ما تربينا عليه، لذلك كان العديد يدرك متأخرا ما كان يقدم عليه علي يعتة بفكره المتقدم وهو الوضع الذي يعيشه الحزب اليوم، فلو كان علي يعتة على قيد الحياة، وفي المسؤولية الحزبية لبادر إلى ما بادرنا إليه خدمة لمصلحة الوطن، فالمغرب استطاع أن يدبر مرحلة انتقالية دقيقة بفضل حكمة جلالة الملك، فالمسؤولية علينا اليوم، وعليه فحذار من السقوط في عدم الاستقرار ..

فعلى عهد علي يعتة كنا نجد صعوبة في إيصال بعض القرارات إلى المجتمع، كما حصل مع قرار دخولنا هذه الحكومة، فقناعتي تقول إن لو كان سي علي حيا لتخذ الموقف نفسه دونما انتهازية، كما يعتقد البعض، لأن أصعب شيء هو أن تكون في هذه الحكومة وأسهل شيء هو أن تكون في المعارضة وتترك الأمور تسير حيث تسير، فبالعكس لقد تحملنا المسؤولية في وضعية صعبة وعدم السقوط في الانتهازية يضاهيه الحرص الشديد، كي نكون في موعد مع التاريخ ومع شعبنا، ربما قد لا يفهم ذلك اليوم كما حدث سابقا، لكن التطورات الجارية ستكشف أننا كنا مع التوجه الأصح لخدمة مصلحة هذا البلد وهذا الشعب.

ماذا عن خارطة الوكالات الحضرية المستقبلية ومصير نظامها الأساسي في خطة عملكم؟

الوكالات الحضرية التي تقدم تصاميم تهيئة للمدن والقرى والمراكز الصاعدة، لها دور كبير في ضبط سياسة المدن وتنظيم سوق العقار، من حيث جودة العرض والالتزام بالقوانين ذات الصلة، لذلك فمن خلال رئاستي لعدد من المجالس الإدارية لبعض الوكالات الحضرية، قال لي بعض الشركاء خاصة المنتخبين:" في بداية إحداث وكالاتكم حاربناكم واليوم نحبكم"، لذلك سنعمل على تغطية تراب المملكة بالوكالات متى توفرت الظروف والإمكانيات، لأننا سننتظر أولا تنزيل الجهوية الموسعة بعد الانتخابات المقبلة لمعرفة ما إذا كنا سنعتمد وكالة في كل جهة مع مندوبيات تابعة لها، أم تبني تصور آخر، هذا موضوع مطروح للنقاش، أما في ما يخص مراجعة القانون الأساسي للوكالات الحضرية فذاك ما سنشجع عليه.

على ذكر الانتخابات المقبلة هناك من يقول إن الحكومة مرتبكة في عملها، ولا تزال تبحث عن نفسها بدليل عدم تحديدها لموعد الانتخابات. ما تعليقكم كحزب مجرب على العمل الحكومي؟

في الواقع، هناك العديد من الأوساط تريد تضخيم ما يجري داخل الأغلبية الحكومية وداخل الحكومة نفسها، علما أننا مررنا من وضع صعب سنة 2011، غير أنه بفضل حنكة جلالة الملك والمواطن والمؤسسات استطعنا التحكم في الوضع، وتمكنا من تعديل الدستور وإجراء انتخابات نزيهة أفرزت أغلبية حكومية، فصحيح أن هناك من يقول إن الحكومة تبحث عن نفسها، لكن المعارضة كذلك تبحث عن نفسها بدليل ما وقع خلال التصويت على مشروع القانون المالي، حيث إن هناك من صوت مع المشروع، وهناك من امتنع.. لذلك نجد من يستند فقط إلى مجرد تصريحات للادعاء بأن الحكومة تعيش أزمة عدم انسجام، بل نجد من ذهب حد اتهام حزب التقدم والاشتراكية بالتفريط في هويته.. وبناء عليه أقول إن رئيس الحكومة حريص على انسجام الحكومة، وضبط التصريحات والوعي بتبعاتها وإننا داخل حزب التقدم والاشتراكية لن نسقط في ما تريده بعض الأوساط الإعلامية التي تحاول جرنا إلى مقابلة التصريح بالتصريح والرد بالرد كأننا في حلبة صراع، وليس في حكومة مقيدة ببرنامج حكومي وميثاق أغلبية.. فحزبنا لعب وسيلعب دوره الكامل، إذا ثبت أن الحكومة نقضت ميثاقها أو خالفت التصريح الحكومي، أو مست بالمشروع المجتمعي الديمقراطي الحداثي، الذي نؤمن به كما أريد أن أقول هل هناك قرار اتخذته الحكومة، ويمكن أن يمس بالمشروع المجتمعي الديمقراطي مثلا، فالتزمنا الصمت؟ لا.

أنتم حزب تقدمي اشتركتكم قبل هبوب رياح "الربيع العربي" على المغرب مع حزب العدالة والتنمية في مهاجمة آخر تعيينات للولاة والعمال، متهمين تلك العملية بأنها جاءت لخدمة أجندة جهة حزبية معينة، اليوم وأنتم في الحكومة هل ترون أن الانتخابات المقبلة يجب أن تسبقها حركة انتقالية في صفوف الولاة والعمال خاصة أن عبد الله بوانو نائب رئيس فريق حزب العدالة والتنمية بمجلس النواب، قال أمام وزير الداخلية" هناك تيار في صفوف الولاة والعمال يقول نحن الدولة والباقي سينما". ما تعليقكم؟

ما يهم ليس ما يصرح به هذا أو ذاك، المهم هو الدستور الجديد، وهو التأويل الديمقراطي السليم لمضامينه، فالمسؤول عن تدبير الانتخابات هي الحكومة التي يوجد على وزارة الداخلية بها أمين عام حزب سياسي.. لذلك فالأمور تغيرت فنحن في عهد جديد ودستور جديد ووضع جديد، فعلينا أن نؤمن بأن الحكومة ستدبر الانتخابات بشكل نزيه وشفاف كيفما كان الأشخاص، الذين سينزلون هذا التدبير الحكومي الجديد للعملية الانتخابية التي تطرح عدة تحديات كالتقطيع ومراجعة اللوائح، والنصوص القانونية قبل انتخاب المجالس والغرف والمناديب والمجالس الجهوية والإقليمية والبلدية، ومجلس المستشارين الجديد.




تابعونا على فيسبوك