حوار مع حسن بوجي سفير المغرب في الغابون

الفاعلون الاقتصاديون المغاربة مطالبون بالتموقع منذ الآن في إفريقيا

الإثنين 10 مارس 2014 - 10:19

يرى سفير المغرب في الغابون أن الفاعلين الاقتصاديين المغاربة مطالبون بأخذ مواقعهم في إفريقيا منذ الآن، والاستفادة من فرص الاستثمار، في قارة آخذة في النمو.

وأبرز أن الزيارات الملكية لعدد من البلدان الإفريقية تفتح المجال لشراكة جنوب-جنوب واعدة، وللمغرب فيها دور ريادي.

ويوضح السفير، في الحوار التالي، أن المغرب مؤهل لهذه المهمة بفضل الروابط التاريخية والروحية مع العديد من بلدان جنوب الصحراء، وكذا بفضل خبرته ووضعه كبلد معتدل ومنفتح، وبما يتوفر لديه من مقومات، يجب استغلالها، من أجل التموقع في خريطة المنطقة على المدى الطويل، وبصفة ذكية وتضامنية.

عماذا أسفرت زيارة العمل والأخوة لجلالة الملك محمد السادس إلى الغابون؟

- كانت زيارة العمل والأخوة لجلالة الملك محمد السادس إلى الغابون ناجحة بكل المقاييس، إذ مكنت من إعطاء نفس جديد لعلاقاتنا الاقتصادية، خاصة من خلال انعقاد المنتدى الاقتصادي.

وفي مجال العلاقات السياسية، فإنها، والحمد لله، جيدة ومتينة، تستند إلى صداقة عميقة بين جلالة الملك وأخيه علي بونغو أنديمبا، بما يعمق الروابط أكثر بين البلدين.
وأشدد على أنها سادس زيارة لجلالة الملك للغابون منذ اعتلائه العرش، بما يبرز اهتمام رئيسي الدولتين بالشراكة الثنائية، وضرورة تعزيزها، خاصة أنهما يتقاسمان الطموح نفسه لجعل هذه الشراكة نموذجا للتعاون جنوب-جنوب.

تفتح هذه الزيارة بالخصوص آفاقا واسعة أمام الفاعلين الاقتصاديين المغاربة...

-يوجد رجال الأعمال والفاعلون الاقتصاديون المغاربة أمام منعطف على مستوى تموقع المغرب في إفريقيا، فهذه القارة، ورغم الصعوبات التي تبرز من حين لآخر، تحقق نسب نمو بين الأعلى في العالم، كما أن هناك تطورا في مجال الإصلاحات، والحكامة، وبروز طبقة وسطى إفريقية جديدة.

تضم إفريقيا حوالي مليار نسمة، وسيتضاعف هذا الرقم سنة 2050، إنها قارة توفر إمكانات هائلة في مجال التنمية، سواء من حيث استغلال الثروات الطبيعية، أو البنيات التحيتة، والزراعة والطاقة، والتكوين، والصحة. وتشكل الزيارات الملكية لإفريقيا حافزا كبيرا لرجال الأعمال المغاربة، من أجل اكتشاف الميدان، وعقد شراكات، ومن هنا، ضرورة التموقع منذ الآن، خاصة أن المغرب اكتسب خبرة وكفاءة معترفا بها في عدد من المجالات، وهي فرصة لتقاسم ذلك مع إخوتنا الأفارقة.

هناك بلدان أخرى تبدي اهتمامها بإفريقيا، إلا أننا في موقع أفضل منها من أجل النجاح، لأن لنا امتيازات، إذ نتقاسم مع إفريقيا القيم والتاريخ والروابط الروحية القوية، دون إغفال أن جلالة الملك يعتبر أميرا للمؤمنين في عدد من بلدان القارة، وكل هذا بالإضافة إلى الصورة الإيجابية للمغرب، كفاعل من أجل السلام والتعاون جنوب-جنوب.

يجب إذن الاستفادة من هذه المؤهلات في المجال الاقتصادي، مع العلم أنه توجد في إفريقيا تجمعات إقليمية وجهوية في وسط إفريقيا، مثل المجموعة الاقتصادية والنقدية لغرب إفريقيا، والمجموعة الاقتصادية لبلدان وسط إفريقيا، وبالتالي، فإن الاستثمار في الغابون يعني الحضور في بوابة تؤدي إلى أسواق أخرى.

وأشير هنا إلى أن المغرب يتوفر على صفة مراقب في المجموعة الاقتصادية لبلدان غرب إفريقيا، وأننا بصدد إجراءات للحصول على صفة مماثلة في المجموعتين السالفتي الذكر، واجتمعت مرات عدة مع الكاتب العام للمجموعة الاقتصادية لبلدان وسط إفريقيا، التي يوجد مقرها هنا في ليبروفيل، وأثرت معه رغبتنا في التقارب مع هذه المنظمة، وتقديم دعمنا لعملها ومبادراتها. إننا نتطلع إلى صفة مراقب، وأنا متقين بأننا على الطريق الصحيح.

تميزت الزيارة الملكية للغاون بتوقيع العديد من الاتفاقيات، فما هي أهميتها، في تقديركم؟

-تكتسي الاتفاقات الموقعة خلال هذه الزيارة أهمية كبيرة، لأنها تشمل العديد من مجالات الأنشطة، كالصناعة والمعادن والملاحة التجارية والاقتصاد والمالية والزراعة والتربية والتكوين المهني. وستساهم مجالات التعاون هذه في توسيع شراكتنا الثنائية، وتعطيها بعدا أكبر.

إننا نأمل ونعمل من أجل الارتقاء بالعلاقات الاقتصادية إلى المستوى الجيد للعلاقات السياسية بين البلدين، وفي هذا الاتجاه، جاء توقيع 24 اتفاقية بحضور رئيسي الدولتين، كان في مقدمتها اتفاق ذو أهمية خاصة، يتعلق بإحداث شراكة استراتيجية في صناعة المخصبات الزراعية والصناعات المرتبطة بها.

وتعمل هذه الشراكة الفريدة بين بلدين إفريقيين على الاستغلال المشترك للثروات المعدنية لدى الطرفين (فوسفاط، بوطاس، غاز طبيعي)، بهدف إقامة صناعة كبيرة، تكون قاطرة للتنمية الزراعية والأمن الغذائي في إفريقيا. وتعتبر هذه الشراكة الاستراتيجية ترجمة لإرادة ولرؤية جلالة الملك والسيد رئيس الجمهورية من أجل تحقيق الإقلاع والتحرر الاقتصادي لإفريقيا.

ماذا بخصوص آجال إنجاز هذه الاتفاقيات؟

-خلال اجتماع اللجنة المشتركة الأخيرة في الرباط، من 2 إلى 5 شتنبر الماضي، حصل الاتفاق على إحداث لجنة قيادية، يرأسها وزيرا الخارجية، لمجمل جوانب التعاون الثنائي، وبموزاة مع ذلك، هناك إمكانية لإحداث لجن قطاعية، وهذا يجعل القطاعات المعنية بالتعاون مطالبة بمتابعة الاتفاقات المتعلقة بها، وتقديم النتائج للجنة القيادية، التي تضع المخططات.

كل هذا يوضح أن هناك إرادة لترجمة الاتفاقات سريعا في الميدان، وستجتمع هذه اللجن بالتأكيد قريبا.

يعتبر التعاون بين البلدين في مجال التعليم العالي وتكوين الأطر نموذجا، ماذا يمكن قوله بهذا الشأن؟

-يقدم المغرب سنويا حوالي ستين منحة، وهذه حصة مهمة، تمكن الطلبة الغابونيين من متابعة تكوينهم في الجامعات والمدارس العليا المغربية، خاصة في قطاعات الصحة، والصيد، والجمارك، والماء الشروب.

ويقدر العدد الحالي للطلبة الغابونيين بالمغرب بحوالي 250 طالبا، وأنا شخصيا أشعر بنوع من الفخر عندما ألتقي خريجين من مؤسسات التعليم العالي المغربية، يحدثونني عن ذكرياتهم عن المغرب، من حسن الضيافة، وجودة التكوين، ذلك أن المغرب يشكل مرجعية بالنسبة إليهم.

وقبل بضعة أيام، أخبرني المدير العام للجمارك بأن أغلب الجمركيين الغابونيين تلقوا تكوينهم بالمغرب، وأنه فخور بذلك، ويعمم هؤلاء الغابونيون صورة إيجابية عن المغرب، وبذلك يساهمون في التقارب بين البلدين. وفي هذا السياق، أود التذكير بالقرار الأخير القاضي بإلغاء التأشيرة بين البلدين، الذي رحبت به الحكومة الغابونية، باعتبار المغرب ثاني بلد إفريقي يتوفر على اتفاق بهذا الشأن مع البلد.

يبدو أن هذه الصورة الإيجابية لدى الغابونيين عن المغرب ستتعزز أكثر بعد اعتماد المملكة سياسة جديدة في مجال الهجرة.

-بالتأكيد، وأذكر هنا بالرسالة التي بعثها فخامة رئيس الجمهورية إلى صاحب الجلالة عندما أعلن المغرب عن هذه السياسة الجديدة، فقد أشاد بحرارة بتبني المغرب لهذه الخطوة، الرامية إلى تسوية أوضاع الأجانب، وخاصة الأفارقة، بهدف تيسير اندماجهم.

ويتحدث زملائي السفراء الأفارقة، خلال اجتماعاتنا الدورية، باهتمام كبير عن السياسة المنتهجة من طرف بلادنا في هذا المجال، ويعتبرونها نموذجية بالنسبة للبلدان الأخرى.
وقد جدد فخامة الرئيس علي بونغو أونديمبا، خلال الزيارة الملكية للغابون، تأييده لإطلاق معاهدة إفريقية حول الهجرة والتنمية، من أجل وضع النقاش حول الهجرة في سياقه الطبيعي للاستقبال والضيافة والسخاء.

ما هو موقف الغابون بشأن قضية الصحراء؟

-في قضية الصحراء المغربية، ظل موقف الغابون ثابتا، منذ عهد الرئيس الراحل، الحاج عمر بونغو، ومؤيدا لمغربية الصحراء، ووقع التذكير بهذا الموقف مرات عديدة في المحافل الدولية. وشدد البيان الختامي لزيارة الصداقة والأخوة إلى الغابون على دعم هذا البلد لمغربية الصحراء، وللوحدة الترابية للمغرب.

كما يعتبر الغابون مقترح المغرب لحكم ذاتي موسع لأقاليم الجنوب حلا مناسبا لتسوية هذا النزاع الإقليمي المفتعل، ويوجد في الغابون إجماع بهذا الشأن على المستويين الرسمي والشعبي والحزبي، إذ لم أسمع أبدا بوجود موقف نشاز بخصوص هذه المسألة.

وأذكّر هنا بأن الغابون كان أرسل بعثة للمشاركة في المسيرة الخضراء، سنة 1975، وبالتالي، فإن موقف هذا البلد الشقيق واضح، ولا يشوبه أي لبس.

جلالة الملك ظل على الدوام حاملا لرؤية استراتيجية للعلاقات المغربية الإفريقية

ليبروفيل (و م ع) - قالت مريم بنصالح شقرون، رئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب، إن صاحب الجلالة الملك محمد السادس، ظل على الدوام حاملا لرؤية استراتيجية للعلاقات التي تربط المغرب بالبلدان الإفريقية.

وأوضحت بنصالح شقرون، في كلمة ألقتها، يوم الجمعة المنصرم، في حفل اختتام أشغال الدورة الأولى للمنتدى الاقتصادي بين المغرب والغابون، الذي ترأسه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، والرئيس الغابوني علي بانغو أونديمبا، أن المغرب بلد رائد في اعتماد هذا التوجه، حيث ما فتئت المملكة تؤكد، في كل المناسبات والمحافل، بأن الاندماج الاقتصادي للقارة الإفريقية شرط أساسي وقوة محركة لتنمية بلدان القارة.

وذكرت مريم بنصالح شقرون، في هذا الصدد، بالقرار السامي الذي أعلن عنه جلالة الملك والقاضي بإلغاء ديون الدول الإفريقية الشقيقة الأقل تقدما خلال قمة أوروبا إفريقيا منذ 14 سنة، مبرزة أن جلالة الملك دعا، أيضا، إلى إعطاء دينامية جديدة للتعاون الاقتصادي بين الدول الإفريقية.

وأشارت رئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب أن التمثيلية المتنوعة والمتعددة للوفد المغربي في أشغال هذا المنتدى دليل على هذه الإرادة، حيث تعكس، بالإضافة إلى ذلك، طموح وتطلع المقاولات المغربية للاستثمار في الغابون لاستغلال فرص الاستثمار بهذا البلد والمساهمة بفعالية في النقلة النوعية التي انخرطت فيها هذه الدولة في إطار مقاربة للتعاون يعود بالنفع على الجانبين. وبعد أن ذكرت بأن مجالات التعاون الثنائي تتنوع وتتعدد ما بين الفلاحة والسياحة والتكوين المهني، وكذا العقار والبنيات التحتية، أكدت مريم بنصالح شقرون أن رجال الأعمال بالبلدين يدركون جيدا أن توفر الإرادة المشتركة هو الكفيل ببلوغ الهدف المنشود.

وسجلت أن العلاقات بين البلدين طبعها على الدوام جو من الثقة، وهو ما يفسره هذا الاهتمام المستمر للمستثمرين والمقاولين المغاربة بوجهة الغابون، لكن في المقابل تضيف شقرون، هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به سويا لتحقيق التوافق في الاستراتيجيات الاقتصادية القطاعية المشتركة. وخلصت مريم بنصالح شقرون إلى أن الغابون لا يمكن النظر إليه فقط من منظور سوق استهلاكية بسكان يقدرون بمليون و500 ألف نسمة، حيث بإمكان هذا البلد أن يصبح أرضية للإنتاج الصناعي لسوق وسط إفريقية مندمجة تضم 150 مليون مستهلك.

منطقة التبادل الحر ستجعل الغابون منصة اقتصادية ببلدان وسط إفريقيا

المصطفى بنجويدة - أكد عثمان بنجلون، رئيس التجمع المهني للبنوك المغربية، أن المغرب والغابون تربطهما منذ أزيد من خمسة عقود علاقات متميزة وصداقة متينة وشراكة نموذجية.

واعتبر بنجلون، بمناسبة انعقاد المجلس المغربي الغابوني بليبروفيل في 7 مارس الجاري، أن زيارة صاحب الجلالة للغابون تعد ترسيخا وامتدادا للصداقة التاريخية، التي جمعت بين المغفور له صاحب الجلالة الملك الحسن الثاني والمغفور له عمر بانغو.

وأفاد أن أشغال المجلس المغربي الغابوني للأعمال يندرج في سياق هذا التقارب واستمرارية التعاون بين البلدين.

وقال بنجلون إن "البنوك المغربية ممثلة هنا بالغابون فقط من خلال المساهمة بحصة الأغلبية في الاتحاد الغابوني للبنوك، من قبل مجموعة التجاري وفا بنك، المؤسسة التي تحتل الرتبة الثالثة على مستوى حصة السوق بـ 16 في المائة من الودائع، و15 في المائة من القروض".

غير أنه أكد، من ناحية أخرى، أن "الرأسمال السياسي المتميز، الذي تمثله العلاقات بين البلدين، سيمكن من تعزيز المكاسب الاقتصادية المتبادلة، التي يعتزم المغرب مواكبتها وتقويتها، لتكون دعامة أساسية للنمو الاقتصادي الغابوني الذي انطلق منذ 4 سنوات، والذي سيجعل من الغابون بلدا صاعدا في أفق سنة 2025".

وأضاف بنجلون "باعتباري بنكيا، فإن الفرص المتعددة يمكن استغلالها بفضل مهن البنك التجارية، التي ستساهم في الرفع من مستوى الاستبناك من 25 في المائة إلى معدلات تقترب من 50 في المائة. ومن خلال مضاعفة الوكالات بمختلف مناطق التراب الغابوني، يمكن للبنك التجاري أن ينشر المزيد من المنتوجات والخدمات المصرفية لفائدة سكان الحواضر، خاصة الشباب".

وذكر أن البنك التجاري يمكن أن يكون أكثر انخراطا في تمويل المقاولات الصغرى والمتوسطة، وبالتالي، تنويع النسيج الإنتاجي الغابوني، وجعله مستقلا عن التبعية للهيدروكاربورات والمعادن.

وعلاوة على البنك التجاري، أوضح بنجلون أن بنك الاستشارة والأعمال يمكن أن ينسق بين المهارات والكفاءات بالغابون، وتلك التي في القطاع المصرفي المغربي من أجل خدمة إفريقيا، سواء تلك الموجودة في المغرب أو على الصعيد الدولي، بغية مواكبة البرنامج الطموح للغابون الأخضر، أو الغابون الصناعي، أو الغابون الخدماتي.

وأفاد أن المجالات المعنية تعتبر متعددة، وركز في هذا الجانب على البنيات التحتية، خاصة المتعلقة بالنقل، والطاقة، والسدود المائية، وإنعاش السياحة البيئية، والصناعة الغذائية، والاتصالات، والمعادن، والصيد البحري، موضحا أن ما ذكر يبرز مدى ما يمكن أن يقوم به المصرفيون والممولون المغاربة في الغابون.

وأبرز بنجلون أن المكاسب الاقتصادية للرأسمال السياسي الغابوني يمكن للبنوك المغربية مواكبتها في سياق المكانة التي يحتلها الغابون، باعتباره منصة لتوسيع الشراكة المغربية الغابونية نحو منطقة وسط إفريقيا.

وقال إن "هذا التوسيع يمكن أن يبدأ نحو البلدان المكونة للمجموعة الاقتصادية والمالية لوسط إفريقا، التي تشكلها 6 دولة يبلغ عدد سكانها 70 مليون نسمة، من أجل الاستفادة من إطار الاندماج الجهوي، خاصة خلق منطقة للتبادل الحر بين المغرب والغابون".

ويرى بنجلون أنه عقب هذه الخطوة، فإن هذا التوسع يمكنه أن يشمل باقي الدول المكملة للمجموعة الاقتصادية لبلدان وسط إفريقيا، المكونة من 10 بلدان، يقطنها 150 مليون نسمة، أي سوق بحوالي 220 مليون نسمة سنة 2014، وسيصبحون 400 مليون مستهلك سنة 2050.

وتابع قائلا إن "أعلى السلطات ببلدينا تراهن على القطاع الخاص في هذا المسار المتعلق بالتنمية المشتركة، ومجموعة الأعمال والقطاع البنكي على الخصوص تشعر بالارتياح لهذه الإرادة السياسية القوية، الرامية إلى ضمان استدامة نموذجية للعلاقات المغربية الغابونية في مجال التعاون جنوب ـ جنوب، والتضامن السياسي والإنساني والاجتماعي".

محطة بارزة لتعزيز تعاون اقتصادي واعد وفعال بين الرباط وليبروفيل

ليبروفيل (و م ع) ـ شكلت زيارة العمل والأخوة التي قام بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، للغابون المحطة الرابعة والأخيرة في الجولة الإفريقية، التي قادت جلالته على التوالي إلى مالي والكوت ديفوار غينيا كوناكري، محطة بارزة لتعزيز تعاون اقتصادي فعال واعد بين البلدين الشقيقين.

وبالإضافة إلى كونها تعكس حيوية ودينامية علاقات الأخوة التي تجمع البلدين بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس وفخامة الرئيس علي بانغو أودينمبا، فإن الزيارة ستعطي بالتأكيد زخما جديدا للتعاون جنوب- جنوب الذي يوليه جلالة الملك، أهمية بالغة، من أجل تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية بدول إفريقيا جنوب الصحراء.

ورافق جلالة الملك، في هذه الزيارة وفد مهم ضم مستشاري صاحب الجلالة الطيب الفاسي الفهري وفؤاد عالي الهمة، ووزير الشؤون الخارجية والتعاون، صلاح الدين مزوار، ووزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق، ووزير الاقتصاد والمالية، محمد بوسعيد، ووزير الفلاحة والصيد البحري، عزيز أخنوش، ووزير التجهيز والنقل واللوجيستيك، عزيز الرباح، ووزير الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي مولاي حفيظ العلمي، ووزير الصحة، الحسين الوردي، ووزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة، عبد القادر عمارة، ووزير السياحة، لحسن حداد، وكذا يوسف العمراني، مكلف بمهمة بالديوان الملكي.

كما ضم الوفد مسؤولين وفاعلين اقتصاديين يمثلون القطاعين العام والخاص، وعدد من الشخصيات المدنية والعسكرية.

وكان جلالة الملك، حل يوم الأربعاء الماضي بليبروفيل، حيث وجد جلالته في استقباله، لدى نزوله من الطائرة بمطار ليون أمبا الدولي فخامة الرئيس الغابوني علي بونغو أونديمبا.

ويوم الخميس الماضي أجرى جلالة الملك، والرئيس الغابوني، بالقصر الرئاسي بليبروفيل مباحثات على انفراد.

وفي اليوم نفسه ترأس، جلالته والرئيس الغابوني، حفل التوقيع على الشراكة الاستراتيجية بين المملكة المغربية وجمهورية الغابون في مجال الأسمدة.

وتروم هذه الشراكة، ذات الحمولة الاستراتيجية، التعزيز المستديم للأمن الغذائي بالقارة. وتعكس الإرادة السياسية القوية لقائدي البلدين، كما تندرج في إطار التعاون جنوب جنوب، المتضامن والفعال.

ويعد هذا المشروع الأول من نوعه على عدة مستويات، ومن شأنه التمكين من إبراز ريادة إفريقية حقيقية في مجال تثمين الفلاحة في قارة حوالي 80 في المائة من أراضيها الصالحة للزراعة غير مستغلة.

ويهدف هذا المشروع، إلى إنتاج أسمدة فعالة من الفوسفاط والأمونياك ملائمة لخصوصيات مختلف النظم الإيكولوجية للأراضي الإفريقية، ومماثلة للأنظمة الإيكولوجية الموجودة في قارات أخرى، وكذا تثمين، من الآن فصاعدا، المؤهلات الفلاحية لفائدة التنمية البشرية المستديمة.

إثر ذلك، زار جلالة الملك والرئيس الغابوني معهد علاج السرطان الذي يوجد داخل مبنى المركز الاستشفائي الجامعي (أوغوندجي) الواقع شمال العاصمة ليبروفيل. وقدمت بالمناسبة، شروحات لجلالة الملك حول هذا المعهد المتطور الذي أنجز بشراكة مع مؤسسة للاسلمى للوقاية وعلاج السرطان.

ويروم معهد علاج السرطان بليبروفيل، توفير علاجات ذات جودة للمرضى المصابين بالسرطان وتسهيل ولوجهم للعلاج وتطوير كافة التخصصات المرتبطة بتشخيص وعلاج هذا الداء، علاوة على النهوض بالبحث العلمي في مجال السرطان. ويشرف طاقم طبي مغربي على التكوين وتقديم الخدمات الطبية بالمعهد.

ويوم الجمعة، أدى أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، رفقة الرئيس الغابوني، صلاة الجمعة بمسجد الحسن الثاني بليبروفيل، الذي قامت وزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية، تنفيذا للأمر المولوي السامي لأمير المؤمنين، بتهيئته وتجهيزه بغلاف مالي بلغ ثمانية ملايين درهم.

وتفضل أمير المؤمنين، صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، بعد أداء صلاة الجمعة، بإهداء الجهات الغابونية المكلفة بتدبير الشؤون الدينية، 10 آلاف نسخة من المصحف الشريف، في طبعته الصادرة عن مؤسسة محمد السادس لنشر المصحف الشريف، قصد توزيعها على مختلف مساجد جمهورية الغابون. وتأتي هذه المجموعة من المصاحف، كدفعة أولى في إطار تنفيذ التعليمات الملكية السامية، والقاضية بأن تقوم هذه المؤسسة بتزويد مساجد بلدان المنطقة بكل ما تحتاجه من مصاحف برواية ورش عن نافع، التي هي من الاختيارات المشتركة بين المغرب وهذه البلدان.

إثر ذلك، قام جلالة الملك، رفقة الرئيس الغابوني، ببلدية أواندو (ضاحية ليبروفيل)، بزيارة تفقدية لورش بناء وحدة لإنتاج الإسمنت رصدت لها اعتمادات بقيمة 30 مليون أورو.

وقدمت لجلالة الملك، بالمناسبة، شروحات حول هذه الوحدة الصناعية الجديدة، التي توجد في طور الإنجاز، والتي ينتظر أن تحدث، خلال أشغالها، ألف منصب شغل غير مباشر، و200 منصب شغل مباشر بعد بدء استغلالها. وسيتم إنجاز هذه الوحدة في ظرف 18 شهرا.

كما ترأس جلالة الملك والرئيس الغابوني، حفل التوقيع على 24 اتفاقية، من بينها اتفاقيات حكومية، وأخرى تهم الفاعلين الاقتصاديين في القطاع الخاص بالبلدين.

وتأتي هذه الاتفاقيات، التي تشمل قطاعات مختلفة، كالفلاحة والصحة والسكن والتكوين المهني والقطاع المالي والبنكي والتكنولوجيات الحديثة والنقل والسياحة وغيرها، لتعزز الإطار القانوني للتعاون بين البلدين.

وتنضاف هذه الاتفاقيات المهمة، لاتفاقية الشراكة الاستراتيجية في مجال الأسمدة، التي تم توقيعها، يوم الخميس الماضي، والتي تهدف إلى استثمار الموارد الطبيعية بالبلدين للنهوض بالقطاع الفلاحي وتأمين الأمن الغذائي بالقارة الإفريقية.

بعد ذلك، استقبل صاحب الجلالة الملك محمد السادس، بمقر إقامة جلالته بليبروفيل، الوزير الأول، رئيس الحكومة الغابونية، دانييل اونا اوندو.

وتوجت الزيارة الملكية للغابون بصدور ببيان مشترك، جددت فيه الجمهورية الغابونية دعمها "القوي والدائم" لمغربية الصحراء وللوحدة الترابية للمملكة المغربية.

وجاء في نص البيان، أيضا، أن المغرب والغابون عبرا عن تشبثهما الراسخ بالسلم والأمن والاستقرار في جمهورية إفريقيا الوسطى، ودعوا السلطات الجديدة في هذا البلد إلى إرساء حوار سياسي بين جميع القوى الحية، بلا استثناء.

كما جددا التأكيد على "تشبثهما الراسخ بالسلم والأمن والاستقرار في هذا البلد، ونوها بالدعم الفعال المقدم، بهذا الخصوص، من قبل المجموعة الاقتصادية لدول وسط إفريقيا وفرنسا والمجتمع الدولي".

وأشاد الرئيس الغابوني فخامة علي بونغو أونديمبا " بالدور الذي قام به المغرب في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لصالح الاستقرار وتعزيز السلم والأمن في العالم وفي إفريقيا على وجه الخصوص".

وبهذه المناسبة هنأ رئيس الدولة الغابوني، صاحب الجلالة الملك محمد السادس على انتخاب المملكة المغربية في مجلس حقوق الإنسان، وهو الانتخاب الذي يكرس اعتراف المجموعة الدولية بالجهود التي يقوم بها المغرب لصالح النهوض بحقوق الإنسان وحمايتها، سواء على المستوى الوطني أو الدولي.

كما أعرب المغرب والغابون "عن تشبثهما بالحقوق المشروعة وغير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني في دولة قابلة للحياة وذات سيادة، ضمن حدود 1967، تكون عاصمتها القدس الشريف، طبقا لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة".

وحسب نص البيان، فقد أشاد صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، بمسعى الرئيس الغابوني علي بونغو أونديمبا للحوار الدائم مع مختلف الفاعلين السياسيين والسوسيو- مهنيين في الغابون، الذي مكن من تعزيز السلم والاستقرار السياسي، مع الحفاظ على الوحدة الوطنية والتماسك الاجتماعي في هذا البلد.

كما أشادت الغابون باعتماد المغرب سياسة جديدة في مجال الهجرة تروم تسوية وضعية الأجانب، لاسيما منهم المنتمون للبلدان الإفريقية الواقعة جنوب الصحراء، لتشجيع اندماجهم في المجتمع المغربي".

وأكد المغرب والغابون على ضرورة الإسراع بإحداث مجلس مغربي غابوني للأعمال يشكل "آلية تتوخى إضفاء دينامية على العلاقات الاقتصادية بغية الرقي بها إلى مستوى جودة العلاقات السياسية القائمة بين الغابون والمغرب".




تابعونا على فيسبوك