على شعارات ممثلات المجتمع المدني بعنوان "لا لتزويج القاصرات" و"زواج القاصرة... جريمة"،افتتح مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، صباح أمس الأربعاء، الندوة الوطنية المنظمة من طرف الوزارة
إلى جانب وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، حول "مرورعشر سنوات على تطبيق مدونة الأسرة: الحصيلة والآفاق 2004 ـ 2014"، بالمعهد العالي للقضاء بالرباط.
وقال الوزير إن مرور 10 سنوات على تطبيق مدونة الأسرة حقق"مكاسب كبيرة للأسرة المغربية، ما يؤكد صحة الاختيارات، التي انتهجها المغرب لتحديث منظومته التشريعية والقضائية في مجال الأسرة".
ولم يخف وزير العدل أن النتائج المحققة على أرض الواقع لم تصل بعد إلى درجة الطموحات الكبـرى، بسبب معيقات اعترضت أو شابت التطبيق السليم لمقتضيات مدونة الأسرة والقوانين ذات الصلة، وحددها في معيقات مادية وأخرى بشرية وتنظيمية، فضلا عن الواقع الاجتماعي والاقتصادي والموروث الثقافي، الذي حد من فعالية وجدوى كثير من المقتضيات والمستجدات في مدونة الأسرة.
وكشف وزير العدل أمام ممثلة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، وعدد من الشخصيات القضائية والحقوقية والحكومية، وأعضاء اللجنة التي أشرفت على وضع المدونة، وفعاليات المجتمع المدني، أن أحكام التطليق شهدت ارتفاعا ملحوظا على مر السنوات العشر، إذ بلغت خلال سنة 2013 ما مجموعه 40.850 حكما بالتطليق، مقابل 7213 حكما سنة 2004، ولاحظ أن التطليق للشقاق يستحوذ على النصيب الأكبـر من هذه الأحكام، إذ وصلت نسبته خلال السنوات الثلاث الماضية حوالي 97 في المائة، مشيرا إلى أن الإقبال على التطليق للشقاق لم يعد يقتصر على الزوجات، بل إن الأزواج، أيضا، ينافسونهن في الإقبال عليه، إذ سجلت سنة 2013 نسبة 56 في المائة من طلبات التطليق للشقاق قدمت من طرف النساء، و44 في المائة من الطلبات تقدم بها الرجال.
وأكد أن زواج الفتى والفتاة دون سن الأهلية شهد ارتفاعا ملحوظا، إذ انتقل من 18.341 زواجا خلال سنة 2004 إلى 35.152 زواجا خلال سنة 2013، وأن نسبته من مجموع رسوم الزواج بقيت إلى حد ما مستقرة (بين 7,75 في المائة سنة 2004 و11,47 في المائة سنة2011)، وعرفت سنة 2011 أكبر نسبة في هذا النوع من الزواج خلال عشر سنوات، بمعدل وصل إلى 11,99 في المائة من مجموع رسوم الزواج المبرمة خلال تلك السنة.
وبالنسبة للتعدد، أبرز الرميد أنه شهد نوعا من الاستقرار، إذ سجل أكبر نسبة سنتي 2004 و2011، بما قدره 0,34 في المائة من مجموع عقود الزواج المبرمة، وأدنى نسبة بلغت 0,26 في المائة من مجموع رسوم الزواج المبرمة سجلت خلال سنتي 2012 و2013.
وبخصوص الصلح، اعتبر الرميد أن مدونة الأسرة أولته عناية خاصة للحفاظ على كيان الأسرة واستقرارها، وسجل نسبا مهمة على مدار عشر سنوات من تطبيق المدونة، إذ بلغ عدد حالات الصلح في قضايا طلبات الإذن بالإشهاد على الطلاق بالمحاكم في أقسام قضاء الأسرة سنة 2013 ما مجموعه 8.702، وبلغ هذا العدد في السنة نفسها، بخصوص طلبات التطليق، ما مجموعه 10.389 حالة صلح، ما يعني، حسب الوزير، أن المحاكم استطاعت أن تحافظ على كيان 18.491 أسرة خلال سنة واحدة.
كما شهدتوضعية انحلال ميثاق الزوجية بالطلاق نوعا من الاستقرار، وقال الوزير إن حالاته تراوحت بين أدنى معدل سجل خلال سنة 2010 بمجموع22.452 رسما، وأعلى معدل سجل خلال سنة 2005 بمجموع بلغ 29.668 رسم طلاق، مضيفا أنه لوحظ وجود تدن في حالات الطلاق الرجعي، مقابل ارتفاع عدد حالات الطلاق الاتفاقي، إذ بلغ سنة 2013 عدد حالات رسوم الطلاق الاتفاقي 14.992 رسما، بما نسبته 59,46 في المائة من مجموع رسوم الطلاق، مقابل عدد رسوم الطلاق الرجعي، الذي بلغ 1877 رسما، بما نسبته 7,44 في المائة من مجموع رسوم الطلاق.
أما عن تصريف القضايا داخل أقسام قضاء الأسرة، فيظهر، حسب وزير العدل، أنه يمر بشكل مقبول، معتبرا أن نسبة القضايا المحكومة لم تقل خلال أغلب السنوات العشر عن 81 في المائة من عدد القضايا المسجلة، ولم ينزل تنفيذ هذه الأحكام وفي معظم السنوات عن نسبة 86 في المائة من مجموع الأحكام المطلوب تنفيذها.
عزيزة أيت موسى - قال مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، إن عدد المستفيدات من صندوق التكافل العائلي بلغ إلى فاتح أبريل 2014 ما مجموعه 3386 مستفيدة، وبلغما صرف لهن ما يناهز 22 مليونا و691 ألفا و518درهما،معتبرا أنها حصيلة محدودة تتطلب دراسة لأسبابها والكيفية الملائمة لمعالجتها إن على صعيد التشريع أو التدبير.
وأكد الوزير، في افتتاح أشغال الندوة الوطنية حول "10 سنوات من تطبيق مدونة الأسرة" أن ورش صندوق التكافل العائلي شكل "تجربة رائدة في تحقيق السلم الاجتماعي في المغرب، باعتباره يرمي إلى تحقي قنوع من الاستقرار والأمن والتضامن الأسري، انطلاقا مما يوفره لفئة من المجتمع تعاني الهشاشة وضمان حد أدنى من العيش الكريم للأمهات والأطفال، سيما المطلقات في وضعيات صعبة نتيجة ما يواجهنه من صعوبات عند تعذر تنفيذ الأحكام المتعلقة بنفقة أولادهن أ وتأخرها".
وبخصوص انتهاء الفترة الانتقالية لسماع دعوى الزوجية في الأسبوع الأول من فبراير 2014، كشف الرميد أن المجهودات المبذولة في هذا الصدد، أسفرت عن حصيلة إيجابية حيث بلغ عدد الأحكام الصادرة،خلال سنة 2013 ما مجموعه 23.057 حكما،وبلغ عدد الجلسات التنقلية 510 جلسات، مشيرا إلى أن الوزارة عملت على التحسيس بضرورة تسوية كل زواج غير موثق،وحث المواطنين المعنيين على استصدار أحكام بثبوت الزوجية قبل انتهاء الفترة المحددة لذلك، مبرزا أنه جرى في هذا الإطار توجيه عدة مناشير ودوريات وكتب إلى المسؤولين القضائيين، قصد التعامل مع هذا الموضوع بمرونة ويسر ووفقا لقانون،في إطار حملات وطنية واسعة، من أجل توثيق الزيجات غير الموثقة.
كما عملت وزارة العدل والحريات بتشارك مع هيئة "يونيفام" على إنجاز وصلتين إشهاريتين (تلفزية وإذاعيةـ باللغتين العربية والأمازيغية) حثت من خلالهما المواطنين، بأسلوب تواصلي بسيط، على ضرورة الإسراع بتوثيق زيجاتهم حماية لحقوقهم وحقوق أطفالهم، قبل نهاية الأجل القانوني.
وأضاف الوزير أن هذه الندوة الوطنية ستكون مناسبة لمعرفة الموقف الملائم الواجب اتخاذه إزاء مقتضيات المادة 16 من المدونة، وتحديد ما إذا كان من المناسب اقتراح تمديد فترة أخرى لسماع دعوى الزوجية من عدمه.
وعن دور المساعدات والمساعدين الاجتماعيين، عملت الوزارة، يقول الرميد، على إرساء ركائز هذه المؤسسة الجديدة في أقسام قضاء الأسرة، ابتداء من سنة 2009، بتكوين 68 من أطر كتابة الضبط في المجال الاجتماعي، وخلال سنة 2011،عينت 24 من المساعدات والمساعدين الاجتماعيين،فيما بلغ عددهم 99، خلال سنة 2012، كما أن فوجا جديدا من 73 مساعدا ومساعدة يوجدون حاليا في طور التكوين، في أفق إدماجهم في مختلف أقسام قضاء الأسرة.
وأوضح الوزير أن دور هؤلاء المساعدين الاجتماعيين يتمثل في تمكين القضاة من معطيات واقعية وعلمية بخصوص الوضع الاجتماعي للأسر موضوع النزاع،وتسهيل عمل القضاة، من خلال تمكينهم من عناصر واضحة ومحددة تفضي إلى تقدير موضوعي يلغي المنهجية التقديرية.
واعتبر أن الاحتفاء بمرور 10 سنوات على دخول مدونة الأسرة حيز التنفيذ، منذ 15 فبراير 2004، التي شكل صدورها "حدثا تاريخيا في مسار النهضة الحقوقية بالمغرب، يأتي انطلاقا من الوقع الإيجابي،الذي عكسه تطبيقها على تطوير النظام القانوني للأسرة والنهوض بأوضاعها، والمساهمة في إدماج المرأة في مسلسل التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتكريس قيم العدل والمساواة بين الجنسين في الحقوق والواجبات وضمان استقرار الأسرة المغربية بكل مكوناتها".