انهيار ثلاث عمارات بالدارالبيضاء يخلف أربعة قتلى و55 جريحا

جلالة الملك يزور موقع حادث بوركون ويتفقد المصابين ويأمر بالتكفل بعلاج الذين لا يتوفرون على تغطية صحية

السبت 12 يوليوز 2014 - 11:35
(ماب)

قام صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، مرفوقا بصاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن، أمس الجمعة، بزيارة موقع حادث انهيار ثلاث عمارات الذي وقع في ساعة مبكرة من صباح اليوم بحي بوركون بالدارالبيضاء، قبل أن يتوجه إلى المركز الاستشفائي الجهوي

تعليمات ملكية سامية للسلطات المحلية لاتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادة إسكان المنكوبين بشكل مؤقت

بمستشفى "مولاي يوسف"، قام جلالة الملك، الذي أمر بالتكفل بعلاج الأشخاص، الذين لا يتوفرون على تغطية صحية، بتفقد الحالة الصحية للضحايا، كما وقف جلالته على الإجراءات، التي تم اتخاذها لتمكينهم من العلاجات الضرورية في أحسن الظروف.

من جهة أخرى، أصدر جلالة الملك تعليماته السامية للسلطات المحلية لاتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادة إسكان المنكوبين بشكل مؤقت.

وبهذه الالتفاتة المولوية الكريمة، يعبر جلالة الملك عن تضامنه التام وتعاطفه الكامل مع الضحايا، ووقوف جلالته إلى جانب الأسر المكلومة والمتضررة جراء هذا الحادث المؤلم.

وقد تمت تعبئة جميع الإمكانيات الطبية واللوجستيكية للتكفل بضحايا هذا الحادث، الذي خلف أربعة و55 جريحا.

وتم نقل الأشخاص المصابين إلى المركز الاستشفائي الجهوي "مولاي يوسف" والمركز الاستشفائي الجامعي "ابن رشد"، وقد غادر 39 منهم المؤسستين الاستشفائيتين بعد تلقي العلاجات الطبية الضرورية.

وفور وقوع الحادث، توجهت السلطات المحلية وعناصر الوقاية المدنية ومصالح الأمن إلى عين المكان من أجل الإشراف على عمليات الإنقاذ.

فاجعة بوركون بالبيضاء تخلف 3 قتلى و55 جريحا وضحايا يستغيثون عبر الهاتف من تحت الأنقاض

خديجة بن اشو وسناء أرحال - خلف سقوط ثلاث عمارات في زنقة المهدي بنبركة بحي بوركون في الدارالبيضاء، في وقت مبكر من صباح أمس الجمعة، ثلاثة قتلى، وحوالي 55 جريحا، منهم أربعة في حالة حرجة، حسب الحصيلة المؤقتة للحادث.

وعاينت "المغربية" خلال زيارتها مكان الحادث، محاولات إنقاذ مكثفة لضحايا آخرين يوجدون تحت الأنقاض، من طرف عناصر الوقاية المدنية، التي تحدث بعض عناصرها عن وجود أحياء تحت أحد المنازل المهدمة.

وأكد مسؤول من الوقاية المدنية أن عدد الجرحى والقتلى مرشح للارتفاع، لأن هناك مفقودين تحت الركام، غير أن الحالات التي جرى تسجيلها، إلى حدود كتابة هذه السطور، بلغت 55 مصابا، جلها نقل إلى مستشفى مولاي يوسف، في حين نقلت الحالات الحرجة إلى قسم المستعجلات بالمستشفى الجامعي ابن رشد.

وظل حشود من الأهالي والجيران، بحي بوركون يترقبون بخوف، طيلة يوم أمس الجمعة، نتائج تدخلات الوقاية المدنية، لإنقاذ ضحايا حادث انهيار العمارات الثلاث فجأة على الساعة الثانية والنصف صباحا، أسفر عن مصرع امرأة حامل وطفل ورجل.

وإلى غاية الواحدة بعض الظهر من صباح أمس كانت عناصر الوقاية المدنية تقوم بمحاولات حثيثة لاستخراج باقي الضحايا، بعدما تراكمت الحجارة بشكل مهول، لم يفسح أمامهم منافذ كثيرة للإنقاذ، فيما الأهالي والجيران يتوجسون من أن يرتفع عدد القتلى، رغم أن شهود عيان قالوا لـ"المغربية" إن "الناجين من الانهيار حوالي 54 شخصا، فيما حوالي 15 آخرين مازالوا تحت الأنقاض، والتقديرات متباينة لعدم الانتهاء من عملية الإنقاذ".

واتضح من خلال الحديث إلى بعض الأهالي، لـ"المغربية" أن "أغلب الضحايا هم نساء وأطفال، لأن وقت الانهيار المفاجئ للعمارات الثلاث كان حوالي الثانية والنصف صباحا، وهو التوقيت الذي تزامن مع خروج بعض أرباب الأسر والشباب إلى المساجد وأماكن أخرى ليبلغوهم عبر الاتصال نبأ سقوط منازلهم".

وقادت حالات الارتباك والهلع ذوي الضحايا للإسراع إلى مكان الحادث، فيما تعذر على الضحايا مغادرة المنازل التي انهارت في دقائق معدودة لم تسعف الكثير منهم في الهروب، خاصة أنهم كانوا نياما.

ويروي أقارب الضحايا أنهم مصدومون من هول الكارثة التي حولت المنازل إلى ركام "أقبرت" السكان في الحياة، لم يستطع النجاة منها إلا من استطاع الفرار بسرعة عند إدراكه للتصدعات الأولى، أما آخرون فقد نجوا بتدخل سريع من شباب الحي، الذين هرعوا لإخراج أكبر عدد ممكن من السكان، وساعدهم في ذلك البدايات الأولى للانهيار قبل أن تتساقط جميع الأسقف والجدران.

صخب وبكاء خلال ترقب عمليات الإنقاذ، التي وصفها البعض بـ"أنها طويلة لم تمكن من استخراج أي ناج جديد إلى حدود الساعة الواحدة ظهرا، سوى الناجين بإيعاز من شباب الحي، الأمر الذي يزيد تخوفات الأهالي من أن يرتفع عدد القتلى بفعل الاختناق تحت الركام، خاصة أن الضحايا الباقين هم أطفال، من بينهم طفل لم يتجاوز ثلاث سنوات، يبكي عليه والده بحرقة، خلال محاولة "المغربية" الحديث معه.

وفي غضون البحث المستمر عن الضحايا القابعين تحت الأنقاض، يتجمهر الأهالي والجيران والناس حول منطقة الحادث، في مشهد يعكس ارتياب هؤلاء من الانهيار الذي من المحتمل أن يؤثر على بقية المنازل المجاورة لها، حسب ما عبر عنه البعض، في استغراب واضح حول أسباب سقوط هذه المنازل الثلاثة، في وقت لم يلامس سكانها قبلا أي علامات لاحتمالات الانهيار.

وتبين لـ"المغربية" أن أحد المنازل المنهارة، لم يتهدم كليا، لكنه تصدع بشكل هائل على نحو مال فيه اتجاه الأرض، وهو المنزل الذي قال عنه أهالي الضحايا والجيران، إنه "سبب الفاجعة"، في سياق الإصلاحات والحفر التي كانت جارية فيه، فأثرت على المنزلين الآخرين، ليتهاوى الاثنان فجأة دون أن يخمن سكانهما أن المنزل يهدد حياتهم، بالنظر إلى أن المنزلين كانا في وضع معماري مطمئن رغم قدم بنائهما.

ويتطلع السكان الذين تجمهروا حول مكان الحادث، إلى نجاح عمليات إنقاذ الضحايا الباقين تحت الأنقاض، في مشهد مثير للقلق، حيث الأسقف والجدران المتهدمة، متراكمة ومكدسة بشكل يبعث على الاختناق لمجرد النظر إليها، وهو التصور الذي دفع أهالي الضحايا إلى الصراخ والبكاء على ذويهم المحاصرين بالركام. ويجهل السكان أمام عمليات الإنقاذ الجارية، مصير ذويهم الضحايا.

ولم يحمس استغراق ساعات في عمليات البحث عن الضحايا تحت أكوام كبيرة من الحجارة الإسمنتية، الأهالي على التفاؤل، خاصة أنهم مدركون حجم الواقعة، التي تمنعهم من المساعدة كما تكبل حركة الضحايا لإنقاذ أنفسهم، فيما يحاول رجال الوقاية المدنية قدر الإمكان إخراجهم بعيدا عن مضاعفات تفشل محاولاتهم في إخراج الجميع.

أما بعض الأهالي فقد تأتى لهم التواصل مع ذويهم تحت الأنقاض عبر الهاتف، للاطمئنان عليهم للحظات على أنهم مازالوا أحياء في ظل تأخر استخراجهم من تحت الركام.

وتتضارب آراء حول وفاة آخرين، تناقلها آهالي الضحايا في تواصلهم عبر الهاتف مع ذويهم القابعين تحت الركام، لتتأجج المخاوف من أن يتحول هذان المنزلين إلى مقبرة جماعية، في حال استمرار عمليات البحث لساعات أخرى دون أي جدوى.

وبينما ينتظر المواطنون والأهالي والجيران، ورجال الأمن يطوقون المكان، لتيسير مهام رجال الوقاية المدنية، ظهرت بعض ردود الأفعال المعبرة عن استيائها من واقع الحال، بعدما لم يظهر أي ناجي جديد يبعث لديهم بالأمل في إنقاذ البقية.

من جهة أخرى، زار محمد ساجد، عمدة مدينة الدارالبيضاء مكان الحادث للاطلاع على تفاصيله، بعدما عاين عن كثب حجم الخسائر البشرية والأضرار المادية، في حين كان مشهد أهالي الضحايا والتجمهر الغفير للجيران والناس يرصد هول الفاجعة التي مازالت تهدد آخرين تحت الأنقاض، ولم يحسم في عددهم إلى حدود كتابة هذه السطور.

إحالة إصابة على مستشفى مولاي يوسف وابن رشد

عزيزة غلام - بلغ عدد المصابين جراء انهيار العمارات الثلاث في بوركون، منذ الساعة الثانية من صباح أمس الجمعة وإلى غاية ظهيرة اليوم نفسه، 44 ضحية، يحملون جروحا وإصابات متفاوتة الخطورة، بينهم ضحيتان، كانتا فارقتا الحياة تحت الأنقاض، وانتشلهما رجال الوقاية المدنية خلال عملية البحث عن ناجين من الحادث، حسب ما أكده الدكتور مصطفى الردادي، المدير الجهوي للصحة في الدارالبيضاء، في تصريح لـ"المغربية".

ويتعلق أمر الوفيات بطفل دون العاشرة، وسيدة (40 سنة)، سجلت باسم مجهول في قسم الأموات، لعدم التعرف على هويتها.

وأكد الردادي أن جل الحالات المصابة في الحادث، غادرت مستشفى مولاي يوسف، بعد تلقي الإسعافات والعلاجات الضرورية، باستثناء 9 ضحايا، مددت فترة استشفائهم في المستشفى، بينهم امرأة حامل وطفل لم يتجاوز عمره 6 أشهر، ينتمون إلى عائلة واحدة.

وبالموازاة مع ذلك، أحيلت ثلاث حالات، من الضحايا 44، على قسم مستعجلات المستشفى الجامعي ابن رشد، بعد الشك في إصابتهم بكسور على مستوى العمود الفقري وفي الرأس.

من جهته، تحدث الدكتور حجاجي، مندوب الصحة - أنفا، في تصريح لـ"المغربية"، أنه جرى اتخاذ قرار تمديد فترة استشفاء هذه الحالات، لحاجتها إلى دعم نفسي، إذ خضعت لحصة أولى على يد طبيب اختصاصي في الطب النفسي، بعد أن ظهرت عليها حالات التأثر النفسي الشديد من مجريات الحادث، تتمثل في الهلع والخوف الشديد.

من جهته، شهد قسم المستعجلات التابع للمستشفى الجامعي ابن رشد في الدارالبيضاء، استقبال 17 ضحية لحادث انهيار عمارات بوركون، من فئة البالغين، 15 منهم أحيلوا على المستعجلات مباشرة بعد وقوع الحادث على الساعة الثانية صباحا، بينما أحيل اثنان آخران من المصابين على القسم ذاته، عقب عملية البحث عن ناجين تحت الأنقاض، حسب المعطيات التي أكدها البروفيسور محمد موهاوي، مسؤول قسم مستعجلات الدارالبيضاء، في تصريح لـ"المغربية".

ويواصل 5 من ضحايا الحادث عملية الاستشفاء داخل مستشفى ابن رشد، 4 منهم أحيلوا على قسم جراحة العظام، حيث تقرر إخضاع اثنين منهم لعملية جراحية لعلاج ما أصابهم من كسور متنوعة الخطورة، حسب البروفيسور موهاوي.

وبالموازاة مع ذلك، أحيلت حالة واحدة على مصلحة جراحة الدماغ للخضوع للمراقبة وليس للجراحة.

في مقابل ذلك، أكد البروفيسور موهاوي مغادرة 10 ضحايا قسم المستعجلات، بعد تلقيهم للعلاجات وخضوعهم لجميع الفحوصات الطبية والإشعاعية بجهاز السكانير، التي كشفت عن استقرار حالتهم الصحية وعدم حاجتهم للاستشفاء في المستعجلات.

وتتوزع الأضرار التي لحقت بالضحايا عن رضوض في الجمجمة والرأس، وكسور متنوعة الخطورة، بين خفيفة وخطيرة، همت بشكل كبير الأطراف العليا ثم الأطراف السفلى.

شهادات حية

شهد مستشفى مولاي يوسف، يوم أمس الجمعة، حركة غير معتادة موازاة مع استقبال المستشفى لضحايا حادث انهيار عمارات بشكل أثار تعاطف وتضامن الجميع.
شهادات قوية عبر عنها مصابون في الحادث، مايزالوا يوجدون تحت هول الصدمة.

عائلة حرفيشي

واجه يوسف حرفيشي كابوسا واقعيا، خلال محاولته لإنقاذ أسرته، انتهت بإخراج زوجته كوثر، وابنته ريحانية، البالغة من العمر شهران، وطفله آدم ذي 7 سنوات.

بدأت الحكاية بسقوط جدار من بيت يوسف، حول النوم الهانئ للعائلة إلى كابوس تحت أكوام من الأحجار والتربة، لم يكن ليخرج منها، لولا إصراره على حفر ثقب في الحيط، انطلاقا من بصيص نور قادم من فج بين الأكوام، وهو يزحف على البطن، ليتمكن من إخراج أبنائه ثم زوجته.

وبعد ذلك، ذهب للبحث عن مصدر صوت ينبعث من وسط أكوام الأحجار، يوحي أنه لطفل صغير، ليكتشف أنه رضيع لا يتعدى عمره سنتين، لم يكف عن الصراخ وهو تحت الأنقاض.

الزوجة كوثر هي الأكثر تأثرا، توجد في حالة نفسية سيئة، وتحمل إصابات متفرقة متأثرة بجروحها وإصاباتها في الحادث.

هند

امرأة حامل، وأم للطفل آدم، الذي يحجم عن الحديث عن ما وقع وعن مشاعره من شدة الصدمة.

تحكي أنها سمعت صوت انفجار مدو، اعتقدت أنه انفجار لقنينة غاز، تلاه سقوط سقف البيت فوق رأسها وابنها (3 سنوات) وزوجها.

وظلت المرأة تحت الأنقاض داعية نجدتها وهي تتأبط ابنها، ليأتي رجال الوقاية المدنية رفقة أبناء الحي لإنقاذهم، إلا أن زوجها كان في حالة خطيرة تطلبت إحالته على مستشفى ابن رشد بسبب تضرره من إصابة بليغة في الرأس.

حفيظة

سيدة تجاوز عمرها الخمسين سنة، تقطن في الطابق الثالث، ولم تفطن لما كان يقع من تسرب لأتربة البيت في الطابق الأول من العمارة السكنية، لولا مبادرة جارتها التي جاءت لإخبارها.

شرعت في مساعدة زوجها المريض المقعد، لارتداء ملابسه لإخراجه بمساعدة ابن جارتها، إلا أن سرعة انهيار السقف، بعد صوت طقطقة مدوي، سبقت محاولات الفرار، فتهاوت الأتربة فوق رأسيهما، وجرى إنقاذها بعد ذلك، لكنها ظلت تجهل مصير زوجها إلى حدود كتابة هذه الأسطر.




تابعونا على فيسبوك