في حوار سابق لـ 'المغربية' مع 'بوجمعة' الغائب الحاضر في ذاكرة عشاقه

الراحل محمد بسطاوي: أحلامي أكبر من العمر والحياة

السبت 20 دجنبر 2014 - 10:21
9802
المرحوم محمد بسطاوي رفقة زوجته سعاد النجار

رحل منذ أيام، تاركا فراغا شاسعا في الساحة الفنية، خطفه الموت وهو في أوج عطائه الفني. كان متفائلا ومتشبثا بالحياة، لكن المرض هزمه رغم قوته. محمد بسطاوي من الوجوه الفنية المغربية الذي دخل الميدان بصدق.

كان عشق التمثيل يسري في عروقه أبى إلا أن يترجمه في أعماله العديدة المتميزة. رحل "بوجمعة" ذلك الرجل البدوي القادم من أحضان الشاوية، تاركا رصيدا فنيا قويا، وصدى طيبا في نفوس أصدقائه وجمهوره.

في حوار سابق مع "المغربية" عبر الراحل بروح صادقة عن عشقه للتمثيل، وأكد أن الغيرة على الميدان الفني ضرورة ملحة لمن يرغب في أن يشق طريقه بثبات. كان المسرح القريب إلى قلبه، ونقطة انطلاقه في الميدان الفني، لكن الحياة مثل الريح، تأخذنا إلى الضفة، التي لم نفكر فيها، إذ سرقه كل من التلفزيون والسينما من المسرح، الذي يحتاج إلى التفرغ، لكن يظل المسرح تجربة متميزة في مساره الفني.

تتراوح تجربتك الفنية بين التلفزيون والسينما، أين تجد نفسك أكثر عطاء؟

أشعر بأنني أكثر عطاء في كل ما يتعلق بالتشخيص، أحب الأدوار، التي تنبني على أسس متينة في الكتابة، أرحب بالشخصيات، التي تأخذ حقها في الكتابة من قبل محترفين، لأنني للأسف ألاحظ أن الميدان الفني في المغرب تعمه فوضى على جميع المستويات، من كتابة سيناريو، وإخراج، ما جعل هذا الميدان لا ينتعش ولا يأخذ المكانة اللائقة به، وطنيا وعربيا.

هل هناك دور تحلم بتجسيده؟

الأدوار كثيرة، خصوصا الشخصيات التي تتكلم باللغة العربية الفصحى. أتمنى أن أجسد أدوارا لها مساحة واسعة باللغة العربية. 

ماذا تمثل لك الجوائز؟

أعتبرها تحفيزا وشحنة للفنان، لأن الجوائز التي يحصل عليها على أعماله، تجعله يتحمل مسؤولية أكبر ليبدع ويتألق في أدواره المقبلة، حتى يكون عند حسن ظن الجمهور. إلا أنني أقول ليس أي ممثل ينال جائزة ما يعد أحسن ممثل. فالجائزة لم تكن قط مقياسا لكفاءة الفنان، لأن هناك ممثلين عالميين لم ينالوا قط جوائز في حياتهم المهنية.

هل المهرجانات ظاهرة صحية؟

أكيد، خصوصا المهرجانات المعروفة، مثل المهرجان السينمائي بمراكش، وطنجة، وتطوان، أكادير، التي لها وزنها وأسماؤها. وهناك أيضا مهرجان ورزازات، الذي لمست في منظميه حبهم للفن، وغيرتهم عليه، دون مقابل. إلا أن هناك للأسف، ظاهرة مهرجانات يرأسها أناس لا علاقة لهم بالفن، ويتسابقون على الدعم. هنا يظهر المشكل الحقيقي، إذ أنه لا خير في من لا غيرة له على فنه، فهم مجرد متطفلين، يبحثون عن المال لا غير، ولا يهمهم مستوى الميدان الفني، ولا يهمهم الرفع من قيمته.

كيف ترى الساحة الفنية المغربية؟

أنا لست متشائما، لكن أظن أن الميدان يحتاج إلى بعض التوازن. تتجلى الفوضى في هذا الميدان في نقصان العناصر الفنية. أرى أن لكل مجال إبداعي ظروفه، لكن يجب أن نضع في أذهاننا أننا مغاربة، وكل مشاهد مغربي يحب أن يرى صورته في الأعمال، التي تقدم، أي بمعنى آخر، لا يجب أن نبتعد عن ثقافتنا المغربية، على مستوى الأغنية، والمسرح، والشعر. أظن أنه يستحيل أن نقلد الغرب، لأننا لا نتوفر على أدنى الإمكانيات، التي يتمتعون بها. علينا أن نكون غيورين على الميدان الفني، حتى نساهم في تطوره.

أتمنى من باقي الفنانين أن يرضوا بهذا الميدان، فأغلبهم محبط. أرى أنه رغم الظروف، التي يمر بها الميدان الفني، يجب المواصلة والاستمرار بالأمل والحب.

كيف جاء عشقك للتمثيل؟

لم أخطط يوما أن أصبح ممثلا، ربما الفن هو ما عشقني، جاء ذلك صدفة. الحمد الله، أنا راض عن كل ما قدمته خلال مسيرتي الفنية، إذ لمست رضى وحب الجمهور، الذي ألتقيه في الشارع، ويهنئني على أعمالي.

أنا خريج مدرسة "مسرح الهواة"، كما أنني كنت أمثل مند فترة الدراسة، وتشبعت هذه التجربة بالتحاقي بدور الشباب، إلى أن توجت بانضمامي لـ "مسرح اليوم" إلى جانب وجوه فنية كثيرة منها الفنانة ثريا جبران، وحسن النفالي، وعبد الواحد عزري، ومحمد الحبشي، وغيرهم من النجوم، الذين تركوا بصمات خالدة في الميدان الفني المغربي، في فترة لم تكن تقويها إلا العزيمة، وحب الفن.

المسرح كان انطلاقتك، لكن سرقك التلفزيون والسينما...

كان المسرح هو القريب إلى قلبي، لكن الحياة مثل الريح، تأخذنا إلى الضفة التي لم نفكر فيها. ليس لدينا فيها اختيار واسع. حقيقة أن التلفزيون والسينما سرقاني من المسرح، لأن هذا الأخير يحتاج إلى التفرغ. لا يمكن لمخرج مسرحي أن ينتظرني حتى أكمل تصوير مشاهدي في عمل ما كي ألتحق بالخشبة، خصوصا أن فترة التصوير تكون طويلة، ما جعلني أركز على أعمالي التلفزيونية والسينمائية. ويظل المسرح تجربة متميزة في مساري الفني.

هل حققت ذاتك كفنان؟

الحياة بطولها وعرضها لا تكفي لتحقيق الذات. أظن أن لدي تجربة متواضعة. في كل عمل أشعر بأنني في بدايتي التمثيلية. ما أتمناه، هو أن أكون في الاتجاه الصحيح. فالأحلام كثيرة وهي أكبر من العمر والحياة.

ما هي أهم الأعمال التي شاركت فيها؟

كثيرة، منها على مستوى السينما، "باي باي السويرتي"، و"طيف نزار"، و"طرفاية"، و"في انتظار بازوليني"، و"وبعد" و"أولاد لبلاد"، وعلى مستوى الأفلام التلفزيونية، هناك "الركراكية" و"الصالحة". كما شاركت في مسلسل "دواير الزمان"، و"جنان الكرمة"، وفي سلسلات "شريكتي مشكلتي"، و"عائلة محترمة"...

بعيدا عن الفن كيف هي علاقتك بالمطبخ؟

أحمد الله بزوجتي الفنانة سعاد النجار، التي تتقن مختلف الأطباق والشهيوات. لذا لا أجد نفسي مضطرا لدخوله. أحب كل المأكولات التقليدية، خصوصا "الرفيسة".

هل تمارس الرياضة؟

من حين لآخر، خصوصا رياضة المشي.

ماذا تمثل لك الأسفار؟

عملي داخل هذه المهنة الشريفة، جعلني أكتشف مناطق جميلة، سواء في المغرب أو خارجه. بفضل أسفاري العملية، من أجل التصوير، زرت عدة أماكن ظلت راسخة في ذاكرتي.

عندما تكون في حالة قلق، هل تحب أن يشاركك أحد همومك؟

إطلاقا، أحب الوحدة، كما أنني لا أحب أن يشاركني همي أحد.

هل لديك أبناء؟

أنا أب لأسامة, 21 سنة، له صوت جميل يطربني من حين لآخر، وهاشم، ممثل، شارك في العديد من الأعمال التمثيلية، وحسام عمره عشر سنوات، وهيثم ذي السبع سنوات. أخيرا حباني الله بمولودة جميلة سميتها فاطمة الزهراء.




تابعونا على فيسبوك