مراكش: "الصحراء المغربية" تنقل أجواء رمضان ومظاهر الحياة اليومية بساحة جامع الفناء

الصحراء المغربية
الأربعاء 13 أبريل 2022 - 12:33

يشكل شهر رمضان بكل ما يحمله هذا الشهر الفضيل من دلالات ورموز أحد أهم المحطات السنوية في الحياة بمدينة مراكش، وساحتها التاريخية القلب النابض للمدينة، التي شكلت على مر العصور مادة ملهمة للشعراء والأدباء والمؤرخين والمبدعين من خلال بعدها الثقافي الرمزي.

أجواء رمضان بمراكش وساحة جامع الفنا التاريخية لهذه السنة له طعم خاص، بعد الإغلاق الذي تسببت فيه الجائحة، حيث استأنفت ساحة جامع الفنا نشاطها خلال هذا الشهر الفضيل لتقدم للزوار مغاربة وأجانب فرصة لقضاء أوقات ممتعة وتناول وجبات متنوعة.

خلال جولة بالمدينة العتيقة لمراكش، تجلب أنظارك محلات بيع الحلويات الرمضانية والفطائر التي تعرض بكمية كبيرة خلال هذا الشهر الفضيل لسد حاجيات الأسر المراكشية، باعتبارها الأطعمة التي تزين بها النساء موائد الإفطار، في حين يحتل شهر رمضان مكانة متميزة في نفوس الأسر المراكشية التي تعتز بتقاليدها وعاداتها على غرار باقي الأسر المغربية، وأصبح شهر الصيام  يفرض على المجتمع المراكشي طقوسا خاصة، حيث يكثر الإقبال على تناول الطنجية الأكلة التي تشتهر بها المدينة الحمراء، ويستقبل كل "فرناتشي" المخصص لطهي الطنجية ما لايقل عن مائة طنجية أو أكثر في اليوم الواحد، ويفضل البعض تناولها وقت الإفطار،  في حين  يؤجل البعض الآخر تناولها حتى وجبة العشاء.

في مشهد آخر، وقبل ساعات من الإفطار تعج ساحة جامع الفنا التاريخية بالحركة، زوار من ساكنة المدينة وسياح أجانب يتوافدون على الساحة للاستمتاع بعروض رواد الثعابين وبأهازيج الفرق الموسيقية ومنهم من سحرتهم حلقات الفكاهة والفرجة، وغير بعيد تصطف المطاعم الشعبية المتنقلة المحاطة بكراسي مستطيلة أعدت للزبائن والوافدين الراغبين في تناول وجبة الإفطار بهذا الفضاء العجائبي المفعم بالحياة، حيث يجدون أمامهم أصنافا متنوعة من المأكولات التي يزخر بها المطبخ المغربي.

وتحظى  المطاعم المتنقلة التي جرى تنظيمها وفق تصميم موحد، بإقبال متزايد للزوار الدين يفضلون الإفطار بالساحة العالمية  خلال شهر رمضان بعد عرضها لمجموعة من وجبات الإفطار بكل مكوناتها التقليدية من حريرة وتمور وحلوى وفطائر،  بالرغم من طابعها الشعبي الذي يميزها عن المطاعم العمومية المصنفة، كما أنها تثير فضول السياح الأجانب الذين يتصادف وجودهم بمدينة سبعة رجال خلال شهر الصيام.

وتقدم المطاعم المتنقلة  خلال هذا الشهر المبارك وجبات الإفطار للزبائن بأثمنة تمكن كل الفئات الضعيفة والمتوسطة والغنية من اقتنائها في الوقت الذي تقدم فيه المقاهي العمومية هذه الوجبات بأسعار متفاوتة وأخرى مرتفعة.

وبعد الإفطار تمارس ساحة التراث العالمي بأنوارها وألوانها، إغرائها بجولة لاكتشاف سحر لياليها الرمضانية، حيث يعمل منظمو الحلقات على نسج ليالي جديدة لا تختلف في صخبها وضجيجها عن سابقاتها في الأيام العادية.

وفي حديثه ل"الصحراء المغربية"، عبر امبارك بن الديش رئيس جمعية ساحة جامع الفناء للمأكولات والمشروبات،  عن سعادته بعودة الحركة التجارية التي ترافق شهر رمضان الحالي والتي تختلف عن السنتين الماضيتين بسبب جائحة كوفيد-19، لتدب من جديد بساحة جامع الفنا العالمية، التي استعادت بهجتها.

من جانبه، أكد عبد الجليل بائع حلويات وجود إقبال لافت لم يقف عليه منذ سنتين تقريبا، ليعبر عن أمله في تحقيق انتعاشة قوية لسوق الحلويات، مشيرا الى أن الباعة يجتهدون لتوفير أشكال متنوعة من الحلويات لتزيين مائدة الإفطار .

بدوره، أوضح مصطفى أحد العاملين بمطعم متنقل، أن وجبات الإفطار تقدم للزبائن بساحة جامع الفنا، في جو يسوده الإخاء والتآزر الاجتماعي والحميمية، مضيفا أن المطعم الذي يشتغل به  يرتاده باستمرار ما بين 30 إلى 60 زبونا وأن هذا العدد يرتفع مع عطلة نهاية الأسبوع.

وأكد أمين وهو نادل يعمل بمقهى "أركانة" وسط ساحة جامع الفنا، أن المقهى يفتح أبوابه بشكل عادي خلال شهر رمضان، محترما توقيت الوجبات من إفطار صباحي وغداء وعشاء،  لان معظم رواد المقهى خلال هذا الشهر هم سياح أجانب من دول غير اسلامية، كما أن هناك مطاعم ومقاهي، تشتغل خلال هذا الشهر مقدمة خدماتها للأجانب.

وأضاف أمين، أن كثيرا من الأجانب يجدون حرجا في التدخين أو تناول وجبة غذاء أو ارتشاف مشروب، في وقت يكون فيه المغاربة الصائمون، 

يحثون الخطى في ساحة جامع الفنا من أجل اقتناء ما يلزم من الحاجيات الغذائية المفضلة لديهم لتزيين مائدة الإفطار وتنويع مأكولاتها، أو قتل الوقت في انتظار آذان المغرب.

وطوال الليالي الرمضانية التي يقضي فيها الساهرون مسامرات تستمر إلى وقت متأخر من الليل يستمتعون بالاجواء الرمضانية بساحة جامع الفنا الفضاء الغرائبي، الذي  شكل فهرسا عريضا لمختلف التراث الشفوي والفني  وفضاءا عجائبيا يختلط فيه الخيال والواقع ، بإمكان أي شخص أن يجد جو المرح الذي يريحه في حلقة من الحلقات عبر هذا الفضاء المتناثر.

وتعرف مساجد مدينة مراكش، خلال شهر رمضان إقبالا كبيرا للمصلين، لاسيما مسجد الكتبية التاريخي القريب من الساحة العالمية،  والذي يعتبر نموذجا لافتا للطابع التعبدي والروحاني إلى جانب مساجد تاريخية أخرى .

وبعد صلاة التراويح، تعرف مختلف المحاور وشوارع المدينة الحمراء حركة خاصة مما يعطي لمراكش سحرا فريدا من نوعه ويساهم بشكل كبير في تنشيطها السوسيو الثقافي، وتعرف المقاهي هي الأخرى رواجا منقطع النظير من خلال اقبال عدد من المواطنين الذين يفضلون الجلوس بالمقاهي لتبادل أطراف الحديث مع الأصدقاء والأقارب حول مواضيع آنية أو حكي قصص ونكث وطرائف.




تابعونا على فيسبوك